صفحة رقم ٤٥٤
الموتة الصغرى، وكم من شخص منهم بات سوياً لا قبلة به فمات، ولو شئنا لجعلنا الكل كذلك لم يقم منهم أحد، وعدل عن ) ليبصروا فيه ( تنبيهاً على كمال كونه سبباً للإبصار، وعلى أنه ليس المقصود كالسكون، بل وسيلة المقصود الذي هو جلب المنافع، فالآية من الاحتباك : ذكر السكون أولاً دليل على الانتشار ثانياً، وذكر الإبصار ثانياً دليل على الإظام أولاً، ثم عظم هذه الآية حثاً على تأمل ما فيها من القدرة الهادية إلى سواء السبيل فقال :( إن في ذلك ) أي الحشر والنشر الأصغرين مع آيتي الليل والنهار ) لآيات ( اي متعددة، بينة على التوحيد والبعث الآخرة والنبوة، لأن من قلب الملوين لمنافع الناس الدنيوية، أرسل الرسل لمنافعهم في الدراين.
ولما كان من مباني السورة تخصيص الهداية بالمؤمنين، خصهم بالآيات لاختصاصهم بالانتفاع بها وأن إيمانهم لا يزال يتجدد، فهم كل يوم في علو وارتفاع.
النمل :( ٨٧ - ٩١ ) ويوم ينفخ في.....
) وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُمْ مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ وَمَن جَآءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبِّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ( ( )
ولما ذكر هذا الحشر الخاص، والديل على مطلق الحشر والنشر، ذكر الحشر العام، لئلا يظن أنه إنما يحشر الكافر، فقال مشيراً إلى عمومهم بالموت كما عمهم بالنوم، وعمومهم بالإحياء كما عمهم بالإيقاظ :( ويوم ينفخ ) أي بأيسر أمر ) في الصور ) أي القرن الذي جعل صوته لإماتة الكل.
ولما كان ما ينشأ عنه من فزعهم مع كونه محققاً مقطوعاً به كأنه وجد ومضى، يكون في آم واحد، أشار إلى ذلك وسرعة كونه بالتعبير بالماضي فقال :( ففزع ) أي صعق بسسب هذا النفخ ) من في السموات (.
ولما كان الأمر مهولاً، كان الإطناب أولى، فقال :( ومن في الأرض ( اي كلهم ) إلا من شاء الله ( اي المحيط علماً وقدرة وعزة وعظمة، أن لا يفزع ؛ ثم أشار إلى النفخ لإحياء الكل بقوله :( وكل ) أي من فزع ومن لم يفزع ) أتوه ) أي بعد ذلك للحساب بنفخة أخرى يقيمهم بها، دليلاً على تمام القدرة في كونه أقامهم بما به أنامهم