صفحة رقم ٤٦٢
انجرّ معه بأنه عليه الصلاة والسلام سيملك مكة البلدة ويفتحها الله تعالى عليه، ويذل عاة قريش ومتمرديهم، ويعز أتباع رسول الله ( ﷺ ) ومن استضعفته قريش من المؤمنين، اتبع سبحانه ذلك بما قصه على نبيه من تطهير ما أشار إليه من قصة بني إسرائيل وابتداء امتحانهم بفرعون، واستيلائه عليهم، وفتكه بهم إلى أن أعزهم الله وأظهرهم على عدوهم، وأورثهم أرضهم وديارهم، ولهذا أشار تعالى في كلا القصتين بقوله في الأولى ) سيريكم آياته فتعرفونها ( وفي الثانية بقوله :( وترى فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون ( ثم قص ابتداء أمر فرعون وحذره واستعصامه بقتل ذكور الأولاد ثم لم يغن عنه من قدر الله شيئاً، ففي حاله عبرة لمن وفق للاعتبار، ودليل على أنه سبحلنه المتفرد بملكه، يؤتي ملكه من يشاء، وينزعه ممم يشاء، لا يزعه وازع، ولا يمنعه عما يشاء مانع، ) قل الله مالك الملك ( وقد أصح قوله تعالى ) وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض ( - الآية بما أشار إليه مجمل ما أوضحنا اتصاله من خاتمة النمل وفاتحة القصص، ونحن نزيده بياناً بذكر لمع من تفسير ما قصد التحامه فنقول : إن قوله تعالى معلماً لنبيه ( ﷺ ) وآمراً ) إنما أمرت أن أعبد ( إلى قوله :( سيريكم آيته ( لا خفاء بما تضمن ذلك من التهديد، وشديد الوعيد، ثم في قوله :( سورة القصص ( ) مكية - آياتها ثمان وثمانون ( مقصودها التواضع لله، المستلزم لرد الأمر كله إليه، الناشىء عن الإيمان بالآخرة، الناشىء عن الإيمان بنبوة محمد ( ﷺ )، الثابتة بإعجاز القرآن، المظهر للخفايا على لسان من لم يتعلم علماً قط من أحد من الخلق، المنتج لعلو المتصف به، وذلك هو المأخوذ من تسميتها بالقصص الذي حكم لأجله شعيب بعلو الكليم عليهما السلام على من ناواه، وقمعه لمن عاداه، فكان المآل وفق ما قال ) بسم الله ( الذي اختص بالكبرياء والعظمة، فألبس خدامه من ملابي هيبته ) الرحمن ( الذي عم بنعمة البيان، حتى أهل الكفران الرحيم الذي خص بنعمة ما بعد البعث أهل الإيمان.
لما ختم تلك بالوعد المؤكد بأنه يظهر آياته فتعرف، وأنه ليس بغافل عن شيء، تهديداً للظالم، وتثبيتاً للعالم، وكان من الأول ما يوحيه في هذه من الأساليب المعجزة من خفايا علوم أهل الكتاب، فلا يقدرون على رده، ومن الثاني ما صنع بفرعون وآله، قال أول هذه :( طسم ( مشيراً بالطاء المليحة بالطهر والطيب إلى خلاص بني إسرائيل بعد طول ابتلائهم المطهر لهم عظيم، وبالسين الرامزة إلى السمو والسنا والسيادة إلى أن ذلك يكون بمسموع من الوحي في ذي طوى من طور سيناء قديم، وبالميم المهيئة للملك والنعمة إلى قضاء من الملك العلى بذلك كله تام عميم.
ولما كانت هذه إشارات عالية، وما بعدها لزوم نظوم لأوضح الدلالات حاوية، قال مشيراً إلى عظمتها :( تلك ) أي الآيات العالمية الشأن ) آيات الكتاب ) أي المنزل على قلبك، الجامع لحميع المصالح الدنيوية والأخروية ) المبين ( اي الفاصل الكاشف الموضح المظهر، لأنه من عتندنا من غير شك، ولكل ما يحتاج إليه من ذلك وغيره، عند من يجعله من شأنه ويتلقاه بقبول، ويلقي إليه السمع وهو شهيد ؛ ثم اقام الدليل على إبانته.
وأنه يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم يختلفون / بما أورد هنا في قصة موسى عليه الصلاة والسلام من الدقائق التي قل من يعلمها من حذاقهم، على وجه معلم بما انتقم به نم فرعون وآله، ومن لحق بهم كقارون، وأنعم به على موسى عليه السلام وأتباعه، ولذلك بسط فيها أمور القصة ما لم يبسط في غيرها فقال :( نتلوا ) أي نقص قصاً متتابعاً متوالياً بعضه في أثر بعض ) عليك ( بواسطة جبريل عليه الصلاة والسلام.
ولما كان المراد إنما هو قص ما هو من الأخبار العظيمة بياناً للآيات بعلم الجليلات والخفيات، والمحاسبة والمجازاة، لا جميع الأخبار، قال :( من نبأ موسى وفرعون ) أي بعض خبرهما العظيم متلبساً هذا النبأ وكائناً ) بالحق ( اي الذي يطابقه الواقع، فإنا ما أخبرنا فيه بمستقبل إلا طابقه الكائن عند وقوعه، ونبه على أن هذا البيان كما سبق إنما ينفع أولى الإذعان بقوله :( لقوم يؤمنون ) أي يجددون الإيمان في كل وقت عند كل حادثة لثبات إيمانهم، فعلم أن المقصود منها هنا الاستدلال على نبوة محمد ( ﷺ ) الأمي بالاطلاع علىالمغيبات، والتهديد بعلمه المحيط، وقدرته الشاملة، وأنه ما شاء كان ولا مدفع لقضائه، ولا ينفع حذر من قدرة، فصح أنها دليل على قوله تعالى آخر تلك ) سيريكم آياته فتعرفونها ( الآية، ولذلك لخصت رؤوس أخبار القصة، والسلام وأمة وفرعون وغيرهم إلى ما تراه من الحكم التي لا يطلع عليها إلا عالم بالتعلم أو بالوحي، ومعلوم لكل مخاطب بذلك انتفاء الأول عن المنزل عليه هذا الذكرُ صلى الل عليه وسلم، فانحصر الأمر في الثاني، يوضح لك هذا المرام مع هذه الآية الأولى التي ذكرتها قوله تعالى في آخر القصة ) وما كنت بجانب الغربي ( ) وما كنت بجانب الطور ( واتباع القصة بقوله تعالى :( ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون ( فالمراد بهذا السياق منها كما ترى غير ما تقدم من سياقاتها كما مضى، فلا تكرير في شيء من ذلك - والله الهادي.
وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير : لما تضمن قوله سبحانه ) إنما أمرت أن أعبد رب هذه الذي حرمها ( - إلى آخر السورة من التخويف والترهيب والإنذر والتهديد لما انجرّ معه بأنه عليه الصلاة والسلام سيملك مكة البلدة ويفتحها الله تعالى عليه، ويذل عاة قريش ومتمرديهم، ويعز أتباع رسول الله ( ﷺ ) ومن استضعفته قريش من المؤمنين، اتبع سبحانه ذلك بما قصه على نبيه من تطهير ما أشار إليه من قصة بني إسرائيل وابتداء امتحانهم بفرعون، واستيلائه عليهم، وفتكه بهم إلى أن أعزهم الله وأظهرهم على عدوهم، وأورثهم أرضهم وديارهم، ولهذا أشار تعالى في كلا القصتين بقوله في الأولى ) سيريكم آياته فتعرفونها ( وفي الثانية بقوله :( وترى فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون ( ثم قص ابتداء أمر فرعون وحذره واستعصامه بقتل ذكور الأولاد ثم لم يغن عنه من قدر الله شيئاً، ففي حاله عبرة لمن وفق للاعتبار، ودليل على أنه سبحلنه المتفرد بملكه، يؤتي ملكه من يشاء، وينزعه ممم يشاء، لا يزعه وازع، ولا يمنعه عما يشاء مانع، ) قل الله مالك الملك ( وقد أصح قوله تعالى ) وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض ( - الآية بما أشار إليه مجمل ما أوضحنا اتصاله من خاتمة النمل وفاتحة القصص، ونحن نزيده بياناً بذكر لمع من تفسير ما قصد التحامه فنقول : إن قوله تعالى معلماً لنبيه ( ﷺ ) وآمراً ) إنما أمرت أن أعبد ( إلى قوله :( سيريكم آيته ( لا خفاء بما تضمن ذلك من التهديد، وشديد الوعيد، ثم في قوله :( رب هذه البلدة ( إشارة إلى أنه عليه الصلاة والسلام سيفتحها ويملكها، لأنه بلد ربه وملكه، وهو عبده ورسوله، وقد اختصه برسالته، وله كل شيء فالعباد والبلاد ملكه، ففي هذا من الإشارة مثل ما في قوله تعالى :( إن الذي فرض عليك القرآ، لرادّك إلى معاد ( وقوله تعالى :( وأن أتلو القرآن ) أي ليسمعوه فيتذكروا ويتذكر من سبقت له السعادة، ويخلظ سنة الله في العباد والبلاد، ويسمع ما جرى لمن عاند وعنى و كذب واستكبر، فكيف وقصة الله وأخذه ولم يغن عنه حذره، وأورث مستضعف عباده أرضه ودياره، ومكن لهم في الأرض وأعز رسله وأباعهم ) نتلوا عليك من نبإ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون ) أي يصدقون ويعتبرون ويستدلون ويستوضحون، وقوله :( سيريكم آيته ( يشير إلى ما حل بهم يوم بدر، وبعد ذلك إلى يوم فتح مكة، وإذعان نم لم يكن يظن انقياده، وإهلاك من طال تمرده وعناده، وانقياد العرب بجملتها بعد فتح مكة ودخول الناس في الدين افواجاً، وعزة أقوام وذلة آخرين، بحاكم ) إن أكرمكم عند الله أتقاكم ( إلى أن فتح الله على الصحابة رضوان الله عليهم ما وعدهم به نبيهم ( ﷺ )، فكان كما وعد، فلما تضمنت هذه الآية ما أشير إليه، أعقب بما هو في قوة أن لو قيل : ليس عتوكم بأعظم من عتو فرعون وآله، ولا حال مستضعفي المؤمنين بمكة ممن قصدتم فتنته في دينه بدون حال بني إسرائيل حين كان فرعون يمتحنهم بذبح