صفحة رقم ٤٦٦
اليقين، وإلا فبطلب الصبر ؛ والثالثة معاينة أولية الحق جل جلاله، ليتخلص من محن المقصود، وتالكيف الحمايات، والتعريج على مدارج الوسائل.
) ولا تخافي ) أي لا يتجدد لك خوف أصلاً من أن يغرق أو يموت من ترك الرضاع وإن طال المدى أو يوصل إلى أذاه ) ولا تحزني ) أي ولا يوجد لك حزن لوقوع فراقه.
ولماكان الخوف عما يلحق المتوقعن والحزن عما يلحق الواقع، علل نهيه عن الأمرين، بقوله في جملة اسميه ة دالة علىالثبات والدوام، مؤكدة لاستبعاد مضمونها :( إنا رادوه إليك ( فأزال مقتضى الخوف والحزن ؛ ثم زادها بشرى لا تقوم لها بشرى بقوله :( وجاعلوه من المرسلين ) أي الذين هم خلاصة المخلوقين، والآية من الاحتباك، ذكر الإرضاع أولاً دليلاً على تركه ثانياَ، والخوف ثانياً دليلاً على الأمن أولاَ، وسره أنه ذكر المحبوب لها تقوية لقلبها وتسكيناً لرعبها.
ولما كان الوحي إليها بهذا سبباً لإلقائه في البحر.
وإلقاؤه سبباً لالتقاطه، قال :( فالتقطه ( اي فأرضعته فلما خافت عليه صنعت له صندوقاً وقيرته لئلا يدخل إليه الماء وأحكمته وأودعته فيه وألقته في بحر النيل، وكأن بيتها كان فوق بيت فرعون، فساقه الماء إلى قرب بيت فرعونن فتعوق بشجر هناك، فتلكف جماعة فرعون التقاطه، قال البغوي : والالتقاط وجود الشيء من غير طلب.
) آل فرعون ( بأن أخذوا الصندوقن فلما فتحوه وجدوا موسى عليه السلام فأحبوه لما ألقى الله تعالى عليهم ممن محبته فاتخذوه ولداً وسموه موسى، لأنهم وجدوه في ماء وشجر، ومو بلسانهم : الماء، وسا : الشجر.
ولما كانت عاقبة أمره إهلاكهم، وكان العاقل لا سيما المتحذلق، لا ينبغي له أن يقدم على شيء حتى يعلم عاقبته فكيف إذا كان يدعي أنه إله، عبر سبحانه بلام العاقبة التي معناها التعليل، تهكماً بفرعون - كما مضى بيان مثله غير مرة - في قوله :( ليكون لهم عدواً ) أي بطول خوفهم منه بمخالفته لهم في دينهم وحملهم على الحق ) وحزناً ) أي بزوال ملكهم، لأنه يظهر فيهمايات التي يهلك الله بها منيشاء منهم، ثم يهلك جميع أبكارهم فيخلص جميع بني إسرائيل منهم، ثم يظفر لهم كلهم.
فيهلكهم الله بالغرق على يده إهلاك نفس واحدة، فيعم الحزن والنواح أهل ذلك الإقليم كله، فهذه اللام للعلة استعيرت الأسد للشجاع فأطلق عليه، فقيل : زيد أسد.
لأن فعله كان فلعه، والمعنى على طريق التهكم أنهم ما أخذوه إلا لهذا الغرض، لأنا نحاشيهم من الإقدام على ما يعلمون آخره أمره.
ولما كان لا يفعل إلا أحمق مهتور أو مغفل مخذول لا يكاد يصيب