صفحة رقم ٤٦٨
يَشْعُرُونَ وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلاَ تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) ٧٣
( ) ٧١
ولما أخبر عن حال من لقيه، أخبر عن حال من فارقه، فقال :( وأصبح ) أي عقب الليلة التي حصل فيها فراقه ) فؤاد أم موسى ) أي قلبها الذي زاد احتراقه شوقاً وخوفاً وحزناً، وهذا يدل على أنها القته ليلاُ ) فارغاً ) أي في غاية الذعر لما جلبت عليه من أخلاق البشر، قد ذهب منه كل ما فيه من المعاني المقصودة التي من شأنها أن يربط عليها الجأش ؛ ثم وصل بذلك مستأنفاً قوله :( إن ) أي أنه ) كادت ) أي قاربت ) لتبدي ( اي يقع منها الإظهار لكل ما كان من أمره، ومصرحة ) به ) أي بأمر موسى عليه السلام من أنه ولدها ونحو ذلك بسبب فراغ فؤادها من الأمور المستكنة، وتوزع فكرها في كل واد ) لو لا أن ربطنا ( بعظمتنا ) على قلبها ( بعد أن رددنا إليه المعاني الصالحة التي أودعناها فيه ؛ ثم علل الربط بقوله :( لتكون ) أي كوناً هو كالغريزة لها ) من المؤمنين ) أي المصدقين بما وعد الل به من نجاته ورسالته، الواثقين بذلك.
ولما أخبر عن كتمهان أتبعه الخبر عن فعلها في تعرف خبره الذي أطار خفاؤه عليها عقلها، فقال عاطفاً على ) وأصبح ( :( وقالت ) أي أمه ) لأخته ) أي بعد أن أصبحت على تلك الحالة، قد خفي عليها أمره :( قصيه ) أي اتبعي أثره وتشممي خبره براً وبحراً، ففعلت ) فبصرت به عن جنب ) أي بعد نم غير مواجهة، ولذلك قال :( وهم لا يشعرون ) أي ليس لهم شعور لا بنظرها ولا بأنها أخته، بل هم في صفة الغفلة التي هي في غاية البعد عن رتبة الإلهية.
ولما كان ذلك أحد الأسباب في ردهن ذكر في جملة حالية سبباً آخر قريباً منه فقالك ) وحرمنا ) أي منعنا بعظمتنا الت يلا يتخلف أمرها، ويتضاءل كل شيء دونها ) عليه المراضع ( جمع مرضعة، وهي من تكترى للرضاع من الأجانب، أي حكمنا بمنعه من الارتضاع منهن، استعار التحريم للمنع لأنه منع فيه رحمة ؛ قال الرازي في اللوامع : تحريم منع لا تحريم شرع.
ولما كان قد ارتضع من أمه من حين ولدته إلى حين إلقائه في اليم فلم يستغرق