صفحة رقم ٤٧٣
بقوله :( قال رب ) أي أيها المحسن إليً بكل جميل.
ولما كان جعل الشيء عوضاً لشيء أثبت له وأجدر بإمضار العزم عليه قال :( بما أنعمتن عليّ ( اي بسبب إنعامك عليّ بالمغفرة وغيرها.
ولما كان في سياق التعظيم للنعمة، كرر حرف السبب تأكيداً للكلام، وتعريفاً أن المقرون به مسبب عن الإنعام، وقرنه بأداة النفي الدالة على التأكيد فقال :( فلن أكون ظهيراً ) أي عشيراً أو خليطاً أو معيناً ) للمجرمين ) أي القاطعين لما أمر الله به أن يوصل، اي لا أكون بين ظهراني القبط، فإن فسادهم كثير، وظلمهم لعبادك أبناء أوليائك متواصل وكبير، لا قدرة لي على ترك نصرتهم، وذلك يجر إلى أمثال هذه الفعلة، فلا أصلح من المهاجرة لهم، وهذا من قول العرب : جاءنا في ظهرته - بالضم وبالكسر وبالتحريكن وظاهرته، أي عشيرته.
ولما ذكر القتال وأتبعه ما هو الأهم من أمره بالنظر إلى الآخرة، ذكر ما تسبب عنه من أحوال الدنيا فقال :( فأصبح ( اي موسى عليه الصلاة والسلام ) في المدينة ) أي التي قتل القتيل فيها ) خائفاً ) أي بسبب قتله له ) يترقب ( اي لازم الخوف كثير الالتفات برقبته ذعراً من طارقه تطرقه في ذلك، قال البغوي : والترقب : انتظار المكروه.
) فإذا ( اي ففجئة ) الذي استنصره ( اي طلب نصرته من شيعته ) بالأمس ( اي اليوم الذي يلي يوم الاستصراخ ن قبله ) يستصرخه ( اي يطلب ما يزيل ما يصرخ بسببه نم الضر من قبطي آخر كان يظلمه، فكأنه قيل : فما قال له موسى بعدما أوقعه فيما يكره ؟ فقيل :( قال له ( اي لهذا المستصرخ ) موسى (.
ولماكان الحال مقتضياً أن ذلك الإسرائيلي يمكث مدة لا يخاصم أحداً خوفاً من جريرة ذلك القتيل، أكد قوله :( إنك لغوي ( اي صاحب ضلال بالغ ) مبين ) أي واضح الضلال غير خفيه، لكون ما وقع بالأمس لم يكفك عن الخصومة لمن لا تطيقه وإن كنت مظلوماً ؛ ثك دنا منهما لينصره ؛ ثم قال مشيراً بالفاء إلى المبادرة إلى إصراخه :( فلما ( وأثبت الحرف الذي أصله المصدر تأكيداً لمعنى الإرادة فقال :( أن أراد ) أي شاء، وطلب وقصد مصدقاً ذلك بالمشي ) أن يبطش ) أي موسى عليه الصلاة والسلام ) بالذي هو عدو لهما ) أي من القبط بأخذه بعنف وسطوة لخلاص الإسرائيلي منه ) قال ) أي الإسرائيلي الغوي لأجل ما رأى من غضبه وكلمه به من الكلام الغص ظاناً أنه ما دنا إلا يريد البطش به هو، لما أوقعه فيه لا بعدوه :( يا موسى ( ناصاً عليه باسمه العلم دفعاً لكل لبس منكر الفعلة الذي اعتقده لما رآه من دنوه غليهما غضبان وهو يذمه ) أتريد أن تقتلني ) أي اليوم وأنا من شيعتك ) كما قتلت نفساً بالأمس ) أي من شيعة أعدائنا، والذي دل على أن الإسرائيلي هو الذي قال له الكلام السياق بكون الكلام


الصفحة التالية
Icon