صفحة رقم ٤٧٨
إليه السامع من أمرها فقال :( قالت ( وأكدت إعلاماً بما لأبيها من الرغبة إلى لقائه في قولها :( إن أبي ( وصورت حاله بالمضارع فقالت :( يدعوك ليجزيك ) أي يعطيك مكافأة لك، لأن المكافأة من شيم الكرام، وقبولها لا غضاضة فيه ) أجر ما سقيت لنا ) أي مواشينا، فأسرع الإجابة لما بينهما من الملاءمة، ولذلك قال :( فلما ( بالفاء ) جاءه ( اي موسى شعيباً عليهما الصلاة والسلام ) وقص ) أي موسى عليه الصلاة والسلام ) عليه ) أي شعيب عليه الصلاة والسلام ) القصص ( اي حدثه حديثه مع لما توسم فيه بما آتاه اله من الحكم والعلم من النصيحة والشفقة، والعلم والحكمة، والجلال والعظمة.
ولما كان من المعلوم أنه لا عيشة لخائف، فكان أهم ما إلى الإنسان الأمان، قدم له التأمين بأن ) قال ) أي شعيب له عليهما الصلاو والسلام :( لا تخف ( اي فإن فرعون لا سلطان له على ما ههنا، ولأن عادة الله تعالى جرت أن تواضعك هذا ما كان في أحد إلا قضى الله برفعته، ولذلك كانت النتيجة :( نجوت ) أي يا موسى ) من القوم الظالمين ) أي هو و غيره وإن كانوا في غاية القوة والعراقة في الظلم.
ولما اقتضى هذا القول أنه آواه إليه، علمت انتباه مضمونه، وكانتا قد رأتا من كفايته وديانته ما يرغب في عشرته، فتشوفت النفس إلى حالهما حينئذ، فقال مستأنفاً لذلك :( قالت إحداهما ) أي المرأتين.
قيل : وهي التي دعته إلى أبيها مشيرة بالنداء بأداة البعد إلى استصغارها لنفسها وجلالة أبيها :( يا أبت استأجره ( ليكفينا ما يهمنا ؛ ثم عللت قولها فقالت مؤكدة إظهاراً لرغبتها في الخير واغتباطها به :( إن خير من استأجرت ( لشيء من الأشياء ) القوي ( وهو هذا لما ريناه من قوته في السقي ) الأمين ( لما تفرسنا فيه من حيائه، وعفته في نظره ومقاله وفعاله، وسائر أحواله ؛ قال أبو حيان : وقولها قول حكيم جامع، لأنه إذا اجتمعت الأمانة والكفاية في القائم بأمر فقد تم المقصود.
) قال ( اي شعيب عليه الصلاة والسلام، وهو في التوراة يسمى : رعوئيل - بفتح الراء وضم العين المهملة وإسكن الواو ثم همزة مكسورة بعدها تحتانية ساكنة ولام، ويثرو - بفتح التحاتانية وإسكان المثلثة وضم الراء المهملة وإسكان الواو ) إني اريد ( يا موسى، والتأكيد لأجل أن الغريب قل ما يرغب فيه أول ما يقدم لا سيما من الرؤساء أتم الرغبة ) أن أنكحك ( اي أزوجك زواجاً، تكون وصلته كوصلة أحد الحنكين بالآخر ) إحدى ابنتي (.
ولما كان يجوز أن يكون المنكح منهما غير المسقي لهما، نفى ذلك بقوله :


الصفحة التالية
Icon