صفحة رقم ٤٩١
مصر، ولعله عرفها إشارة إلى أنه لو قدر على ذلك في غيرها فعل ) بغير الحق ( اي استكباراً مصحوباً بغير هذه الحقيقة، والتعبير بالتعريف يدل على أن التعظيم بنوع من الحق ليس كبراً وإن كانت صورته كذلك، وأما تكبره سبحانه فهو بالحق كله، وعطف على ذلك ما تفرع عنه وعن الغباوة ايضاً ولذا لم يعطفه بالفاء، فقال :( وظنوا ( اي فرعون وقومه ظناً بنوا عليه اعتقادهم في أصل الدين الذي لا يكون إلا بقاطع ) أنهم إلينا ) أي إلى حكمنا خاصة الذي يظهر عنده انقطاع الأسباب ) لا يرجعون ) أي لا في الدنيا ولا في الآخرة، فلذلك اجنرؤوا على ما ارتكبوه من الفساد.
القصص :( ٤٠ - ٤٣ ) فأخذناه وجنوده فنبذناهم.....
) فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لاَ يُنصَرُونَ وَأَتْبَعْنَاهُم فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ القِيَامَةِ هُمْ مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الأُولَى بَصَآئِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ( ( )
ولما تسبب عن ذلك إهلاكهم قال :( فأخناه ( اي بعظمتنا أخذ قهر ونقمة ) وجنوده ) أي كلهم، وذلك علينا هين، وأشار إلى احتقارهم بقوله :( فنبذناهم ( اي على صغرهم وعظمتنا ) في اليم ( فكانوا على كثرتهم وقوتهم كحصيات صغار قذفها الرامي الشديد الذراع من يده في البحر، فغابوا في الحال، وما آبوا ولا أحد منهم إلى أهل ولا مال.
ولما سببت هذه الآية من العلوم، ما لا يحيط به اافهوم، قال :( فانظر ) أي أيها المتعرف للآيات الناظر فيها نظر الاعتبار ؛ وزاد في تعظيم ذلك بالتنبيه على أنه مما يحق له أن يسأل عنه فقال :( كيف كان ( اي كوناً هو الكون ) عاقبة ) أي آخر أمر ) الظالمين ( وإن زاد ظلمهم، وأعيي أمرهم، ذهبوا في طرفة عين، كأن لم يكونوا، وغابوا عن العيون كأنهم قط لم يبينوا، وسكتوا بعد ذلك الأمر والنهي فصاروا بحيث لم يبينوا، فليحذ هؤلاء الذين ظلموا إن استمروا على ظلمهم أن ينقطعوا وييبينوا، وهذا إشارة عظيمة بأعظم بشارة بأن كل ظالم يكون عاقبته هكذا إن صابره المظلوم المحق، ورابطه حتى يحكم الله وهو خير الحالكمين.
ولما كان ( من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ) وكانوا أول من أصر، اطبق في ذلك الزمان على تكذيب الآيات، وإخفاء الدلالات النيرات، على


الصفحة التالية
Icon