صفحة رقم ٥٠٩
الناس ويصدون عن السبيل، ويتعللون في أمر الإيمان، وتوحيد المحسن الديان ) فيقول ) أي الله :( أين شركاءي ) أي من الأوثان وغيرهم ؛ ثم بين أنهم لا يستحقونهذا الاسم بقوله :( الذين كنتم ) أي كوناً أنتم عريقون فيه ) تزعمون ( ليدفعوا عنكم أو عن أنفسهم.
ولما كان اسم الشريك يقع على من سواه الإنسان آخر في شيء من الأشياء، وكان الأتباع قد سووا المتبوعين الذين عبدوهم من الشيتطين وغيرهم بالله تعالى في الخضوع لهم، والطواعية في عبادة الأوثان، ومعاندة الهداة ومعاداتهم، والصد عن أتباعهم، فكلان اسم الشريك متناولاً لهم، وكان بطش من وزقع الإشراك به يكون أولاً بمن عد نفسه شريكاً ثم بمت أنزله تلك المنزلة، فتشوفت النفس إلى مبادرة الرؤساء بالجواب خوفاً من حلول العقاب بهم وزيادتهم بقادتهم عليهم، فقيل : قالوا هكذا الأصل، ولكنه أظهر إعلاماً بالوصف الذي أوجب لهم القول فقال :( قال الذين حق ) أي ثبت ووجب ) عليهم القول ) أي وقع عليهم معنى هذا الاسم وتناولهم، وهو العذاب المتوعد به بأعظم القول، وهم أئمة الكفر، وقادة الجهل، بإنزالهم أنفسهم منزلة الشركاء، وأفهم بإسقاط الأداة كعادة أهل القرب والتعبير بوصف الإحسان أ، هم وصلوا بعد السماجة والكبر إلى غاية الترق والذل، فقال معبراً عن قولهم :( ربنا هؤلاء ( إشارة إلى الأتباع ) الذين أغوينا ) أي أوقعنا الإغواء وهو الإضلال بهم بما زينا لهم من الأقوال التي أعاننا على قبولهم أ، ها منا، مع كونا ظاهرة العوار، واضحة العر، ما خولتنا فيه في الدنيا من الجاه والمال ؛ ثم استأنفوا مات يظنون أنه يدفع عنهم فقالوا :( أغويناهم ) أي فغوا باختيارهم ) كما غوينا ) أي نحن لما أغوانا بما زين لنا من فوقنا حتى تبعناهم، لم يكن هناك إكراه منا ولا إجبار، مع ما أاهم من الرسل ولهم من العقول، كما غوينا نحن باخيارنا، لم يكن ممن فوقنا إجبار لنا كما قال إبليس
٧٧ ( ) وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي ( ) ٧
[ إبراهيم : ٢٢ ] فالآية من الاحتباك : حذف أولاً ) فغووا ( لدلالة ) غوينا ( عليه، وثانياً ( لما أغوانا، من قبلنا ) لدلالة ) أغويناهم ( عليه ومرادهم، بقولهم هذا السفساف أنه لا لوم علينا في الحقيقة بسببهم، وهذا معنى قولهم :( تبرأنا إليك ) أي من أمرهم، فلا يلزمنا عقوبة بسببهم، فهو تقرير لما قبل وتصريح به.
ولما كان يعلمون أنهم غير مؤمنين من أمرهم، تبرؤوا من انفرادهم بإضلالهم، فقالوا لمن كأنه قال : ما وجه براءتكم وقد اقررتم باغوائهم ؟ :( ما كانوا إيانا ) أي خاصة ) يعبدون ( بل كانوا يعبدون الأوثان بما زينت لهم أهواؤهم وإن كان لنا فيه


الصفحة التالية
Icon