صفحة رقم ٥٢٢
لأنفسهم بقوتهم.
ولما خسف به فاستبصر الجهال الذين هم كالبهائم لا يرون إلا المحسوسات، عبر عن حالهم بقوله :( وأصبح ) أي وصار، ولكنه عبر به لمقابلة الأمس، وإعلاماً بأن ما رأوا من حاله ملأ صدورهم فلم يكن لهم هم سواه ) الذين تمنوا ) أي ارادوا إرادة عظيمة بغاية الشغف أن يكونوا ) مكانة ) أي يكون خحاله ومنزلته في الدنيا لهم ) بالأمس ) أي الزمان الماضي القريب وإن لم يكن يلي يومهم الذي هم فيه من قبله ) يقولون ويكأن ( هذه الكلمة والتي بعدها متصلة بإجماع المصاحف، وعن الكسائي أنه يوقف على الياء من وى، وعن أبي عمرو أنه يوقف على الكاف : ويك، قال الرضي في شرح الحاجبية : وي للتندم أو لللتعجب، ثم قال : وهو عند الخليل وسيبويه ( وي ) للتعجب، ركبت مع ( كأن ) التي للتشبيه، وقال الفراء : كلمة تعجب ألحق بها كاف الخطاب نحو ويك عنتر أقدم، أي من وله في قصيدته الميمية المشهورة إحدى المعلقات السبع :
ولقد شفي نفسي وأبرأ سقمها قيل الفوارس ويك عنتر أقدم
أي ويلك وعجباً منك، وضم إليها ( أن ) فالمعنى : ألم تر أنه، ونقل ابن الجوزي هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال الفراء : ولما صار معنى ويكأن ألم تر، لم تغير كاف الخطاب للمؤنث والمثنى والمجوع بل لزم حالة واحدة، وقال الجعبري في شرح الشاطبية : وي صوت يقوله المتندم والمتعجب، وويك أصله ويلك، حذفت لامه تخفيفاً لكثرة دوره ؛ والكاف للخطاب وفتحت ( أن ) لإضمار العلم ؛ وقال قطرب : لتقدير اللام، ونشأ من التركيب معنى : ندمنا على تفريطنا، وتعجبنا من حالنا، وتحققننا خلاف اعتقادنا، وسمت متصلة تنبيهاً على التركيب، وقال القزاز في ديوانه الجامع : ويك كلمة ينبه بها الإنسان، وقيل : معناها رجمة، ووي معناها التنبيه والإنكار، وقال الإمام عبد الحق : وي كلمة تقال في التعجب والاستدراك، وقيل : وي حزن، وقال قطرب : وي كلمة تفجع انتهى.
وقال سيبويه في باب ما ينتصب فيه الخبر بعد الأحرف الخمسة : وسألت الخليل عن هذه الآية فزعم أنها وي مفصولة من كأن والمعنى وقع على أن القوم انتبهوا فتكلموا على قدر علمهم، أو نبهوا فقيل لهم : أما يشبه أن يكون هذا عندكم هكذا والله تعالى أعلم، وأما الفسرون : فقالوا : ألم تر أن الله.
فالمعنى الذي يجمع القوال حينئذ : تعجباً أو ويلاً أو تندماً على ما قلنا في تبين غلطنا، وتنبيهاً على الخطأ، أو هلاك لنا، إو إنكار علينا، أو حزن لنا، أو تفجع علينا، أو استدراك علينا، أو رحمة لنا، أو تنبه لنا، ثم عللوا ذلك بقولهم : إن الله، أو يشبه أن الله، أو ألم تر ايها السامع والناظر أن الله، وقال الرازي : اسم سمي به القول، أي