صفحة رقم ٥٥٥
ولما كان كأنه قيل : بم أجابهم ؟ قيل :( قال ) أي لوط عليه الصلاةوالسلام معرضاً عنهم، مقبلاً بكليته على المحسن إليه :( رب ) أي أيها المحسن إليّ ) انصرني على القوم ) أي الذين فيهم من القوة ما لا طاقة لي بهم معه ) المفسدين ( بإتيان ما تعلم من القبائح.
ولما كان التقدير : فاستجبنا له فأرسلنا رسلنا بشرى لعمه إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ولإهلاك قوم لوط عليه الصلاة والسلام، تحقيقاً لانتقامنا من المجرمين، وإنعامنا على الصالحين، ولابتلائنا لمن نريد من عبادنا حيث جعلنا النذارة مقارنة للبشارة، عطف عليه قوله :( ولما جاءت ( وأسقط ( أن ) لأنه لم يتصل المقول بأول المجيء بل كان قبله السلام والإضافة ؛ وعظم الرسل بقولهك ) رسلنا ) أي من الملائكة تعظيماً لهم في أنفسهم ولما جاؤوا به ) إبراهيم بالبشرى ) أي بإسحاق ولداً له، ويعقوب ولداً لإسحاق عليهما الصلاة والسلام.
ولما كان المقام للابتلاء والامتحان، أجمل البشرى، وفصل النذري، فقال :( قالوا ( اي الرسل عليهم الصلاة والسلام لإبراهيم عليه الصلاة والسلام بعد أن بشروه وتوجهوا نحو سدوم، جواباً لسؤاله عن خطبهم، تحقيقاً لأن أهل السيئات مأخذون، وأكدوا لعلمهم أن الخليل عليه الصلاة والسلام يود أن يهديهم الله على يد ابن أخيه ولا يهلكهم، فقالوا :( إنا مهلكو ( وأضافوا تحقيقاً لأن الأمر قد حق وفرغ منه فقالوا :( أهل هذه القرية ( ثم عللوا ذلك بقولهم :( إن أهلها ( مظهرين غير مضمرين إفهاماً لأن المراد أهلها الأضلاء في ذلك، إخراجاً للوط عليه السلام :( كانوا الظالمين ) أي عريقين في هذا الوصفن فلا حيلة في رجوعهم عنه.
ولما كان السامع بحيث يتشوف إلى معرفة ما كان بعد ذلك، كان كأنه قيل : لم يقنع الخليل عليه السلام لخطر المقام بهذا التلويح، بل ) قال ( مؤكداً تنبيهاً على جلالة ابن أخيه، وإعلاماً بشدة اهتمامه به، وأنه ليس ممن يستحق الهلاك، ليعلم ما يقولون في حقه، لأن الحال جد، فهو جدير بالاختصارك ) إن ( وأفهم بقوله :( فيها لوطاً ( دون، منهم، أنه نزيل تدرجاً إلى التصريح بالسؤال فيه، وسؤالاً في الدفع عنهم بكونه فيهم، لأنه بعيد عما عللوا به الإهلاك من الظلم، ) قالوا ) أي الرسل لإبراهيم عليه الصلاة والسلام :( نحن أعلم ) أي منك ) بمن فيها ) أي من لوط وغيره.
ولما كان كلامهم محتملاً للأنجاء والإرداء، صرحوا بقولهم على سبيل التأكيدن لأن إنجاءه من بينهم جدير بالاستبعاد :( لننجينه ) أي إنجاءاً عظيماً ) وأهله ( ولما أفهم هذا امرأه استثنوها ليكون ذلك أنص على إجاء غيرها من جميع أهله فقالوا :( إلا


الصفحة التالية
Icon