صفحة رقم ٥٧١
فقال :( ويستعجلونك ) أي يطلبون تعجيلك في كل وقت ) بالعذاب ( ويجعلون تأخره عنهم شبهة لهم فيما يزعمون من التكذيب ) ولو لا أجل مسمى ( قد ضرب لوقت عذابهم لا تقدم فيه ولا تأخر ) لجاءهم العذاب ( وقت استعجالهم، لأن القدرة تامة والعلم محيط.
ولما أفهم هذا أنه لا بد من إتيانه، صرح به في قوله مؤكداً رداً على استهزائهم المتضمن للإنكار :( وليأتينهم ( ثم هوّله بقوله :( بغتة ( وأكد معناها بقوله :( وهم لا يشعرون ( بل هم في غاية الغفلة عنه والاشتغال بما ينسيه، ثم زاد في التعجب من جهلهم بقوله مبدلاً :( يستعجلونك بالعذاب ( اي يطلبون منك إيقاعه بهم ناجزاً ولو كان في غير وقته الأليق به، فلو علموا ما هم سائرون إليه لتمنوا أنهم لم يخلقوا فضلاً عن أن يستعجلواظ، ولأعملوا جميع جهدهم في الخلاص منه.
ولما كان دخولهم النار لا بد منه لإحاطة القدرة بهم، قال مؤكداً لإنكارهم الآخرة بإثبات أخص منها :( وإن جهنم ( التي هي من عذاب الآخرة ) لمحيطة ) أي بما هي مهيأة له، لأنه لا يفوتها شيء منه، لأن الذي أعدها عليم قدير، وقال :( بالكافرين ( موضع ( بهم ) تنبيهاً على ما استحقوا به عذابهان وتعميماً لكل مناتصف به.
ولما كان هذا كله دليلاً على إنكارهم قال :( يوم ( اي يعلمون ذلك اليوم ) يغشاهم العذاب ) أي يلحقهم ويلصق بهم ما لا يدع لهم شيئاً يستعذبونهن ولا أمراً يستلذونه ونبه على عدم استغراق جهة الفوق مع استعلائه عليهم بإثبات الجار فقال :( من فوقهم ( ولما أفهم ذلك الإحاطة بما هو أدنى من جهة الفوق، صرح به فقال :( ومن تحت أرجلهم ( فعلم بذلك إحاطته بجميع الجواتب، وصرح بالرجل تحقيقاً للآدمي ) ويقول ) أي الله في قراءة نافع وعاصم وحمزة والكسائي بالتحتانية جرياً على الأسلوب الماضي، أو نحن بعظمتنا في قراءة الباقين ترويعاً بالالتفات إلى مظهر العظمة :( ذوقوا ( ما سببه لكم ) ما كنتم ( بغاية الرغبة ) تعلمون ) أي في ذلك اليوم تعلمون ذلك حق اليقين بعد علمكم له عين اليقين بسبب تكذيبكم بعلم اليقين.
العنكبوت :( ٥٦ - ٥٩ ) يا عبادي الذين.....
) يعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفَاً تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ( ( )
ولما أبلغ في الإنذار، وحذر من الأمور الكبار، ولم يمهل الإشارة إلى الصغار، وكانت هذه الآيات في المتعنتين من الكفار، وكتن قد كرر أن هذه المواعظ إنما هي


الصفحة التالية
Icon