صفحة رقم ٥٨٥
منه، وتشريعاً للتعمية إذا قادت إليها مصلحة، وشرح ذلك أنه كان بين فارس والروم حروب متواصلة، وزحوف متكاثرة، في دهور متطاولة، إلى أن التقو في السنة الثامنة من نبوة نبينا محمد صلى الله عليهوسلم في زمن أبرويز بن هرمز بن أنوشروان، فظفرت فارس على الروم، أخج سنيد بن داود في تفسيره والواحدي في أسباب النزول والترميذي في تفسير سورة الروم من جامعة وغيرهم، وقد جمعت ما ذكروه، وبما دخلت حديث بعضهم في بعض.
قال سنيد عن عكرمة : كانت في فارس امرأة لا تلد إلا الأبطال، فدعاها كسرى فقال : إني أريد أن أبعث إلى الروم جيشاً، وأستعمل عليهم رجلاً من بينك، فأشيري عليَّ أيهم أستعمل، فأشارت عليه بولد يدعى شهربراز، فاستعمله على جيش أهل فارس وقال الأستاذ أبو علي أحمد بن محمد بن مسكوية في كتابه تجارب الأمم وعواقب الهمم، فقالت تصف بنيها : هذا فرحان أنفذ من سنان، هذا شهربراز أحكم من كذا، هذا فلان أروغ من كذا، فاستعمل ايهم شئت.
فاستعمل شهربراز - انتهى.
وبعث قيصر رجلاً يدعى قطمير بجيش من الروم، فالتقى مع شهربراز بأذرعات وبصرى، وهي أ ] تى الشام إلى أرض العربفغلبت فارس الروم وظهروا عليهم فقتلوهم وخربوا مدائنهم وقطعوا زيتونهم، وبلغ ذلك النبي ( ﷺ ) وأصحابه رضي الله عنهم وهم بمكة فشق ذلك عليهم، وكان النبي ( ﷺ ) يكره أن يظهر الأميون من المجوس على أهل الكتاب من الروم، لأن فارس لم يكن لهم كتاب، وكانوا يجحدون البعث، ويعبدون الناروالأصنام، وفرح كفار مكة وشمتوا.
قال الترميذي عن ابن عباس رضي الله عنهما : وكان المشركون يحبون أن يظهر أهل فارس على الروم، وكان المسلمون يحبون أن يظهر الروم على فارس لأنهم أهل كتاب - انتهى.
فلقي المشركون أصحاب النبي ( ﷺ ) فقالوا : إنكم أهل كتاب والنصارى أهل كتاب، ونحن أميون وأهل فارس أميون، وقد ظهر إخواننا من أهل فارس على إخوانكم من أهل الروم، فإن قاتلتمونا لنظهرن عليكم.
فذكر ذلك أبو بكر للنبي ( ﷺ ) فنزلت الآية، فقال ( ﷺ ) :( أما إنهم سيغلبون في بضع سنين ) قال الترميذي عن ابن عباس رضي الله عنهما : فذكره أبو بكر رضي الله عنه لهم فقالوا : اجعل بيننا وبينك أجلاً، فإن ظهرنا كان لنا كذا وكذا، وإن ظهرتم كان لكم كذا وكذا، فجعل أجل خمس سنين فلم يظهروا فذكروا ذلك للنبي ( ﷺ ) فقال :( ألا جعلته إلى دون ) يعني


الصفحة التالية
Icon