صفحة رقم ٥٩٢
فكتب كسرى إنكم إن عجزتم عن الروم لم تعجزوا عن بذل دمائك في طاعتي، فلما تتابعت على راهزاد جوابات كسرى بذلمك عبى جنده، وناهض الروم بهم، فقتل الروم راهزاد وسته لاف رجل، وانهزمت بقيتهم، وهربوا على وجوههم، وبلغ كسر قتل الروم راهزاد وستة آلاف وما نال هرقل من الظفر فهدّه ذلك وانحاز من دسكرة الملك إلى المدائن، وتحصن به لعجزه كان عن محاربة هرقل، وسار هرقل حتى كان قريباً من المدائن.
قال ابن الفرات : فاستعد كسرى لقتاله ثم خالف كسى ملك الروم فرجع إلى بلاده فحمل خزائنه في البحر.
فعصفتا الريح فألقتها بالإسكندرية، فظفر بها أصحابه من الروم، وذكر المسعودي هذا فخالف بعصض المخالفة : فقال : وثب بطريق من بطارقة الروم يقال له قوقاس فيمن اتبعه على تموريقس ملك الروم حمو أبرويز ومنجده، فقتلوه وملكوا قوقاس، ونمى ذلك إلى ابرويز فغضب لحمه وسيّر غلى الروم جيوش وكانت له في ذلك أخبار يطول ذكرها، وسيّر شهريار مرزبان المغرب إلى حرب الروم فنزل أنطاكية وكانت له مع ملك الروم وأبرويز أخبار و مكاتبات وحيل إلى ان خرج ملك الروم إلى حرب شهريار، وقدم خزائنه في البحر في ألف مركب، فألقتها الريح إلى ساحل أنطاكية فغنمها شهريار فحملها إلى ابرويز فسميت خزائن الريح، ثم فسدت الحال بين ابرويز وشهريار، ومايل شهريار ملك الروم فسيره شهريار نحو العارق إلى أن انتهى إلى النهروان فاحتال ابرويز في كتب كتبها مع بعض أساقفه النصرانية ممن كان في ذمته حتى رده إلى القسطنطنية، وأفسد الحال بينه وبين شهريار.
وقال أبو حيان : وسبب ظهور الروم أن كسرى بعث غلى شهربراز وهو الذي ولاه على محاربة الروم أن اقتل أخاك فرخان - انتهى.
وهذا هو تتمة ما تقدم في خبر المرأة التي كانت لا تلد إلا الأبطال، وأن كسرى بعث ابنها شهربراز إلى حرب الروم فظهر عليهم.
قال ابن مسكوية : فلما ظهرت فارس علىالروم جلس فرخان يشرب فقال لأصحابه : لقد رأيت كأني جالس على سرير كسرى، فبلغت مقالته كسرى فكتب إلى شهربراز : إذا أتاك كتابي هذا فابعث إليَّ برأس فرخان، فكتب غليه : إن في رجال فارس خلفاً منه فعجل إليّ برأسه، فراجعه فغضب كسرى وبعث بريداً إلى أهل فارس : إني قد نزعت عنكم شهربراز واستعملت فرخان، فلنا قرأ شهربراز الكتاب قال : سمعاً وطاعة، ونزل عن سريره، وجلس فرخان ودفع البريد الصحيفة إليه فقال : ائتوني بشهربراز، فقدمه ليضرب عنقه فقال : لا تعجل حتى أكتب وصيتي، قال : افعل.
فدعا بسفط وأعطاه ثلاث صحائف، وقال : كل هذا


الصفحة التالية
Icon