صفحة رقم ٥٩٧
ويأتونك بطلبك، فقال له كسرى : أنترجل من العرب وبكر بن وائل أخوالك، فأنت تتعصب لهم لا تألوهم نصحاً، فقال إياس : الملك أفضل رأياً، فقام عمر بن عدي بن زيد العبادي وكان كاتبه وترجمانه بالعربية في أمور العرب فقال : قم ايها الملك وابعث غليهم بالجنود يكفوك وقلم إليه النعمان بن زرعة منولد السفاح الثعلبي فقال له : ايها الملك إن هذا الحي من بكر بن وائل إذا قاظو تهافتوا على ماء لهم يقال له : ذو قار، تهافت الفراش في النار، فعقد لنعمان بن زرعة على تغلب والنمر، وعقد لخالد بن يزيد البهراني على قضاعة وأياد وعقد لإياس بن قبيصة على جميع العرب، ومعه كتيبتاه الشهباء والدوسر، فكانت العرب ثلاثة آلاف، وعقد للهامرز على ألف من الأساورة، وعقد لخيارزين على ألف، وبعث معهم باللطيمة وهي عير كانت تخرج من العراق فيها البن والعطر والألطاف، توصل ذلك إلى باذان عامل كسرى على اليمن، وقال : إذا فزعتم من عدوكم فسيروا بها إلى اليمين، وأمر عمرو بن عدي ان يسير بها، وكانت العرب تحقرهم حتى تبلغ اللطيمة اليمن، وعهد كسرى إليهم إذا شارفوا بلاد بكر بن وائل أن يبعثوا إليهم النعمان بن زرعة، فإن أتوكم بالحلقة ومائة غلام منهم يكونون رهناً بما أحدث سفهاؤهم فاقبلوا منهم وإلا فقاتلوهم.
فلما بلغ الخبر بكر بن وائل سار هانىء بن مسعود حتى نزل بذي قار، وأقبل النعمان بن زرعة حتى نزل على ابن أخته مرة بن عبد الله العجلي، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إنكم أخوالي وأحد طرفي، وإن الرائد لا يكذب أهله، وقد اتاكم ما لا قبل لكم به من أحرار فارس وفرسان العرب والكتيبتان الشهيباء والدوسر، وإن الشر خياراً، ولأن يفدي بعضكم بعضاً خير من أن تصطلموا، انظروا هذه الحلقة فادفعوها وادفعوا معها رهناً من أبنائكم إليه بما أحدث سفهاؤكم، فقال له القوم : ننظر في أمورنا، وبعثوا إلى من يليهم من بكر بن وائل وبرزوا ببطحاء ذي قار بين الجلهتين - وجلهة الوادي : مقدمه، مثل جلهة الرأس إذا ذهب شعره - وجعلتبكر بن وائل حين بعثوا إلى من حولهم منقبائل بكر لا ترفع لهم جماعة غلاقالوا : سيدنا في هذه الجماعة، إلى أن رفعت لهم جماعة فيها حنظلة بن ثعلية بن سنان العجلي فقالوا : يا أبا معدان فقد طال انتظارنا وقد كرهنا أن مقطع أمراً دونك، وهذا ابن أختك النعمان بن زرعة قد جاء والرائد لا يكذب اهله، قال : فما الذي أجمع رايكم عليه ؟ قالوا : قلنا اللحي أهون من الوهي، وإن في الشر خياراً، ولأن نفدي بعضنا بعضاً خير من أن نصطلم جميعاً، فقال حنظلة : قبح اله هذا رأياً، لا تجر أحرار فارس غزلها ببطحاء ذي قار وأنا أسمع صوتاً، ثم أمر بقبته فضربت بوادي ذي قار ونزل الناس فأطافوا به ثم قال لهانىء بن مسعود : يا أبا أمامة إن ذمتكم ذمتنا