صفحة رقم ٥٩٩
فقطع سبعمائة من بني شيبان أيدي أقبيتهم من قبل مناكبهم لتخف أيديهم بالضرب، وتقدمت عجل يومئذ بلاء حسناً، واضطمت عليهم جنود العجم فقال الناس : هلكت عجل، ثم حملت بكر فوجدت عجلاً ثابتة تقاتل وامرأة منهم تقول :
إن يظفروا يحرزوا فينا الغزل فدى لكم نفسي فدى بني عجل
وتقول أيضاً :
إن تقدموا نعانق ونفرش النمارق أو تهربوا نفارق فراق غير وامق
فكانت بنو عجل في الميمنة بإزاء خيارزين وبنو شيبان في ا لميسرة بإزاء كتيبة الهامرز، وأفناء بكر بن وائل في القلب فخرج أسوار من الأعاجم مسور مشنف في أذنيه درتان، من كتيبة العامرز يتحدى الناس للبراز، فنادى في بني شيبان فلم يبارزه أحد حتى إذا دنا من بني يشكر برز له برد بن حارثة أخو بين ثعلبة فشد عليه بالرمح فطعنه فدق صلبه وأخذ حليته وسلاحه، وقال ابن مسكوية : ونادى الهامرز لما رأى جد القوم وثباتهم للحرب وصبرهم للموت مرد ومرد، فقال : وأبيكم لقد أنصف، وبرز له فلم يلبتث برد أن تمكن من الهامرز فقتله.
وقال ابن مكرم في اختصارو للأغاني : ثم اقتتلوا صدر نهارهم أشد قتال رآه الناس إلى ان زالت الشمس، فشد الحوقران واسمه الحارث ابن شريك على الهامرز فقتله وقتلت بنو عجل خيارزين، وضرب الله وجوالفرس فانهزموا، وتبعتهم بكر بن وائل يقتلونهم بقية يومهم حتى أصبحوا من الغد وقد شارفوا السواد ودخلوه فلم يلفت منهم كبير أحد، وأقبلت بكر بن وائل على الغنائم فقسموها بينهم، وقسموا تلك اللطائم بين نسائهم، وكان أول من أنصرف إلى كسرى بالهزيمة إياس بن قبيصة، وكان لا يأتيه أحد بهزيمة جيش غلا نزع كتفيه، فلما أتاه إياس سأله عن الخبر فقال : هزمنا بكر بن وائل، وأتيناك بنسائهم، فأعجب ذلك كسرى، وأمر له بكسوه، ثم إن إياساً استأذنه عند ذلك فقال : إن أخي مريض بعين التمر، فأردت أن آتيه، وإنما أراد أن ينتحي عنه، فإذن له، ثم أتى رجل من أهل الحيرة فسأل : هل دخل على الملك أحد ؟ فقالوا : نعم إياس، فقال : ثكلت إياساً أمه وظن أنه قدحدثه بالخبر، فدخل عليه فحدثه بهزيمة القوم وقتلهم، فأمر به فنزعت كتفاه ؛ وكانت وقعة ذي قار بعد وقعة بدر باشهر ورسول الله ( ﷺ ) بالمدينة، فلما بلغه ذلك قال :( هذا أول يوم انتصفت فيه العرب من العجم وبي نصروا ) روى ذلك الطبراني في المعجم