صفحة رقم ٦١٧
ولما لم يبق في كمال علمه وتمام قدرته شبهة، قال معبراً بأداة التراخي لتدل - مع دلالتها هلى ما هي له - على العظمة، فقال دالاً على أن قدرته على الأشياء كلها مع تباعدها على حد سواء، وأنه لا فرق عنده في شمول أمره بين قيام الأحياء وقيام الأرض والسماء ) ثم إذا دعاكم ( وأشار إلى هوان ذلك الأمر عنده بقوله :( دعوة من الأرض ( على بعد ما بينها وبين السماء فضلاً عن العرش، وأكد ذلك بكونه مثل لمح البصر أو هو اقرب فقال معبراً بأداة الفجاءة :( إذا أنتم تخرجون ( اي يتجدد لكم هذا الوصف بعد اضمحلالكم بالموت والبلى، ويتكرر باعتبار آحادكم من غير تلبث ولا مهلة أصلاً، إلا أن يترتب على الأفضل فالأفضل لقوله ( ﷺ ) :( أنا أول من نتشق عنه الأرض ) كما دعاكم منها أولاً إذا خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون، وأعرى هذه مما ختم به الآيات السالفة تنبيهاً على أنها مثل الأولى قد انتهت في الظهور، ولا سيما بانضمامها غلى الأولى التي هي أعظم دال عليها إلى حد هو أضوأ من النور، كما تأتي الإشارة إليه في آية ( وهو أهون عليه ).
ولما ذكر تصرفه في الظرف وبعض المظروف من ألإنس والجن، ذكر قهره للكل فقال :( وله ( اي وحده بالملك الأتم ) من في السماوات والأرض ) أي كلهم، وأشار إلى الملك بقوله :( كلٌّ له ) أي وحده.
ولما كان انقياد الجمع مستلزماً لانقياد الفرد دون عكسه جمع في قوله :( قانتون ( اي مخلصون في الانقياد ليس لأنفسهم ولا لمن سواه في الحقيقة والواقع تصرفبوجه ما إلا بإذنه، وقال ابن عباس رضي الله عنهما : مطيعون طاعة الإرادة وإن تعصو أمره في العبادة - نقله عنه البغوي وغيره ورجحه الطبري وهو معنى ما قلت.
ولما كان هذا معنى يشاهده كل أد في نفسه مع كا جلى سبحانه من عرائ الآيات الماضيات، فوصل الأمر في الوضوح إلى حد عظيم قال :( وهو ) أي لا غيره ) الذي يبدؤا الخلق ) أي على سبيل التجديد كما تشاهدون، وأشار إلى تعظيم الإعادة بأداة التراخي فقال :( ثم يعيده ) أي بعد أن يبيده.
ولما كان من المركوز في فطر البشر أن إعادة الشيء اسهل من ابتدائه قال :( وهو ( اي وذلك الذي ينكرونه من الإعادة ) أهون عليه ( خطاباً لهم بما الفوه وعقلوه ولذلك أخر الصلة لأنه لا معنى هنا للاختصاص الذي يفيده تقديمها.


الصفحة التالية
Icon