صفحة رقم ٦٣٧
ولا تنبت كلاء، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلّم ومثل من لم يرفع بذلك رأساً ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به ) ولما كان الأمر كذلك، عطف على قوله :( ينصر من يشاء ) وقوله :( ثم كان عاقبة الذين أساءوا السؤاى ( أو على ما تقديره تسبيباً عن قوله :( فأقم وجهك للدين القيم ( : فلقد أرسلناك بشيراً لمن أطاع بالخير، ونذيراً لمن عصى بالشر، قوله مسلياً لهذا النبي الكريم، عليه أفض الصلاة والتسليم، وأتباعه، ولفت الكلام إلى مقام العظمة لاقتضاء سياق الانتقام لها، وأكد إشارة إلى ان الحال باشتداده وصل إل حالة اليأس، أو لإنكار كثير من الناس إرسال البشر :( ولقد أرسلنا ( بما لنا من العزة.
ولما كانت العناية بالإخبار بأن عادته ما زالت قديماً وحديثاً على نصر أوليائه، قال معلماً بإثبات الجار أن الإرسال بالفعل لم يستغرق زمان القبل، أو أن الكلام في خصوص الأمم المهلكة :( من قبلك ( مقدماً له على ) رسلاً ( أوللتنبيه على أنه خاتم النبيين بتخصيص إرسال غيره بما قل زمانه، وقال :( إلى قومهم ( إعلاماً بأن بأس الله إذا جاء لا ينفع فيه قريب ولا بعيد، وزاد في التسلية بالتذكير إشارة إلى شدة أذى القوم لأنبيائهم حيث لم يقل ( إلى قومها ).
ولما كان إرسال الله سبباً لا محالة للبيان الذي لا لبس معه قال :( فجاءوهم بالبينات ( فانقسم قومهم إلى مسلمين ومجرمين ) فانتقمنا ) أي فكانت معاداة المسلمين للمجرمين فينا سبباً لأنا انتقمنا بما لنا من العظمة ) من الذين أجرموا ( لأجرامهم، وهو قطع ما أمرناهم بوصله اللازم منه وصل ما أمروا بقطعه، فوصلوا الكفر وقطعوا الإيمان، فخذلناهم وكان حقاً علينا قهر المجرمين، إكراماص لمن عادوهم فينا، وأنعمنا على الذين آمنوا فنصرناهم.
ولما كن محط الفائدة إلزامه سبحانه لنفسه بما تفضل به، قدمه تعجيلاً للسرور تطييباً للنفوس فقال :( وكان ) أي على سبيل الثبات والدوام ) حقاً علينا ) أي بما أوجبناه لوعدنا الذي لا خلق فيه ) نصر المؤمنين ( اي العريقين في ذلك الوصف في الدنيا والآخرةن فلم يزل هذا دأبنا في كل ملة على مدى الدهر، فإن هذا من الحكمة التي لا ينبغي إهمالها، فليعتد هؤلاء لمثل هذا، وليأخذوا لذلك أهبته لينظروا من المغلوب وهل ينفعهم شيء ؟ والآية من الاحتباك : حذف أولاً الإهلاك الذي هو أثر الخذالن لدلالة النصر عليه، وثانياً الإنعام لدلالة الانتقام عليه.


الصفحة التالية
Icon