صفحة رقم ٦٤٦
ولما كانت العناية فيها بالناس أكثر، قال :( للناس ( فقدمهم في الذكؤ ) في هذا القرآن ) أي عامة هذه السورة وغيرها ) من كل مثل ) أي معنى غريب هو أوضح وأثبت من أعلام الجبال، في عبارة هي ارشق من سائر الأمثال.
ولما كان المختوم على مشاعرهم منهم لا يؤمنون بشيء.
وكان ذلك من أدل دليل على علمه تعالى وقدرته، قال مقسماً تكذيباً لقولهم في الاقتراحات خاصاً من أهل العلم والإيمان رأسهم، دلالة على أن التصرف في القلوب من العظم بمكانة تجل عن الوصف، معبراً بالشرط إعلاماً بأنه سبحانه لا يجب عليه شيء، عاطفاً على نحو : فلم ينفعهم شيء من ذلك :( ولئن جئتهم ) أي الناس عامة ) بآية ( اي دلالة واضحة على صدقك معجزة، غير ما جئتهم به مما اقترحوه ووعدوا الإيمان به مرئية كانت أو مسموعة ) ليقولن الذين كفروا ( اي حكمنا بكفرهم غلظة وجفاء، ودل على فرط عنادهم بقوله :( إن ) أي ما ولما كان التخصيص بالغلظة أشد على النفس، ضم إليه اتباعه تسلية وبياناً لعظيم شقاقهم فقال :( أنتم ( اي ايها الآتي بالآية وأتباعه ) إلا مبطلون ) أي من أهل العارافة في الباطل بالإتيان بما لا حقيقة له ي صورة ما له حقيقة، وأما الذين آمنوا فيقولون : نحن بهذه الآية مؤمنون.
ولما كان من أعجب العجب أن من يدعي العقل يصر على التكذيب بالحق، ولا يصغي لدليل، ولا يهتدي لسبيل، قال مستأنفاً في جواب من ساله : هل يكون مثل هذا الطبع ؟ ومرغباً في العلم :( كذلك ) أي مثل هذا الطبع العظيم جداً، ولما كان كون الشيء الواحد لناس هداية ولناس ضلالة جامعاً إلى العظمة تمام العلم والحكمة، صرف الخطاب عنها إلى الاسم الأعظم الجامع فقال :( يطبع الله ) أي الذي لا كفوء له، فمهما أراد كان، عادة مستمرة، ونبه على كثرة المطبوع عليهم بجمع الكثرة فقال :( على قلوب الذين لا يعلمون ) أي لا يجددون - أي لعدم القابلية - العلم بأن لا يطلبوا علم ما يجهلونه مما حققه هذا الكتاب من علوم الدنيا والآخرة رضىً منهم بما عندهم من جهالات سموها دلالات، وضلالات ظنوها هدايات وكمالات.
ولما كان هذا مذكراً بعظيم قدرته بعد الإياس من إيمانهم، سبب عنه قوله :( فاصبر ) أي على إنذارهم مع هذا الجفاء والرد بالباطل والأذى، فإن الكل فعلنا لم يخرج منه شيء عن إرادتنا.
ولما كان قد تقدم غليه بأنه لا بد أن يظهر أمره على كل أمر، علله بقوله مؤكداً لأن إنفاذ مثل ذلك في محل الإنكار لعظم المخالفين وكثرتهم مظهراً غير مضمر لئلا يظن التقييد بحيثية الطبع :( إن وعد الله ) أي الذي له الكمال كله في كل ما وعدك به