صفحة رقم ٦٦
ذلك فقال :( الذين ظلموا ( ثم بين ما تناجوا به فقال :( هل ) أي فقالوا في تناجيهم هذا، معجبين من ادعائه من ادعائه النبوة مع مماثلته لهم في البشرية : هل ) هذا ( الذي أتاكم بهذا الذكر ) إلا بشر مثلكم ) أي خلقه وأخلاقه من الأكل والشب والحياة والموت، فكيف يختص عنكم بالرسالة ؟ ما هذا الذي جاءكم به مما لا تقدرون على مثله إلا سحر لا حقيقة له، فحينئذ تسبب عن هذا الإنكار في قولهم :( أفتأتون السحر وأنتم ) أي والحال أنكم ) تبصرون ( بأعينكم أنه بشر مثلكم، وببصائركم أن هذه الخوارق التي يأتي بها يمكن أن تكون سحراً، فيا لله العجب من قوم رأوا ما أعجزهم فم يجزوا أن يكون عن الرحمن الداعي إلى الفوز بالجنان وجزموا بأنه من الشيطان الداعي إلى الهوان، باصطلاء النيران، والعجب أيضاً أنهم أمكروا الاختصاص بالرسالة مع مشاهدتهم لما يخص الله به بعض الناس عن بعض الذكاء والفطنة، وحسن الخلائق والأخلاق، والقوة والصحة، وطول العمر وسعة الرزق - ونحو ذلك من القيافة والعيافة والرجز والكهانة، ويأتون أصحابها لسؤالهم هما عندهم من ذلك من العلم.
ولما كان الله تعالى لا يقر من كذب عليه، فضلاً عن أن يصدقه ويؤيده، ولا يخفى عليه كيد حتى يلزم منه نقص ما أراده، قال دالاً لهم على صدقه منبهاً على موضع الجحة في أمره - على قراءة حمزة والكسائي وحفص عن عاصم، وجوباً لمن كأنه قال : فماذا يقال لهؤلاء ؟ - على قاءة الباقين :( قال ربي ( المحسن إليّ بتأييدي بكل ما يبين صدقي ويحمل على أتباعي ) يعلم القول ( سواء كانن سراً أو جهراً.
ولما كان من يسمع من هاتين المسافتين يسمع من أيّ مسافة فرضت غيرهما قطعاً، لم يحتج إلى جمع على أنه يصح إرادة لالجنس فقال :( في السماء والأرض ( على حد سواء، لأنه لا مسافة بينه وبين شيء من ذلك ) وهو ) أي وحده ) السميع العليم ( يسمع كل ما يمكن سمعه، ويعلم كل ما يمكن علمه من القول وغيره، فهو يسمع سركم، ويبطل مكركم، ويسمع ما أنسبه إليه من هذا الذكر، فلو لم يكن عنه لزلزل بي، وقد جرت سنته القديمة في الأولين، بإهلاك المكذبين، وتأييد الصادقين، وإنجائهم من زمن نوح عليه السلام إلى هذا الزمان، ولعلمه بحال الفريقين.
وستعلموون لمن تكون له العقبة، وقد أشار إلى هذا في هؤلاء الأنبياءء عليهم السلام الذين دل بقصصهم في هذه السورة على ما تقدمها من الأحكام والقاضايا
٧٧ ( ) وكنا به عالمين ( ) ٧
[ الأنبياء : ٥١ ]
٧٧ ( ) إذ قال لأبيه وقومه وكنا لحكمهم شاهدين ( ) ٧
٧٧ ( ) كنا بكل شيء عالمين ( ) ٧
[ الأنبياء : ٨٨ ]
٧٧ ( ) وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون ( ) ٧
[ الأنبياء : ١٠٩ ]
٧٧ ( ) أنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون ( ) ٧
[ الأنبياء : ١١٠ ]
٧٧ ( ) إن الأرض يرنه عبادي


الصفحة التالية
Icon