صفحة رقم ٧٣
ويهيج النفوس، ويشرح الصدور، ويريح الأرواح ويبعث إلى الاعتبار، كلَّ من له استبصاراً، للدلالة على حكمتنا ووجوب وحدانيتنا فاتخذتم أنتم ما زاد على الحاجة لهواً صاداً عن الخير، داعياً إلى الضير.
ولما نفى عنه اللعب، أتبعه دليله فقال :( لو اردنا ) أي على عظمتنا ) أن نتخذ لهواً ( يكون لنا ومنسوباً في لهوه إلينا، واللهو - قال الأصفهاني : صرف الهم عن النفس بالقبيح.
) لاتخذناه ) أي بما لنا من العظمة ) من لدنا ( اي مما يليق أن ينسب إلى حضرتنا بما لن امن تمام القدرة وكمال العظمة، وباهر الجلالة والحكمة، وذلك بأن يكون محض لهو لا جد فيه أصلاً، ولا يخلطه شيء من الكدر، ولا يتوقف من يراه في تسميته لهواً، لا يكون له عنده اسم غير ذلك كما لو أن شمساً أخرى وجدت لم يتوقف أحد في تسميتها شمساً كما قال تعالى في السورة الماضية
٧٧ ( ) وقد ءاتيناك من لدنا ذكرا ( ) ٧
[ طه : ٩٩ ] أي فهو بحيث لا يتوقف أحد في أنه من عندنا، وأنه ذكر وموعظة كما مضى، لكنا لم نرد ذلك فلم يكن، وما اتخذتموه لهواً فإنا خلقناه لغير ذلك بدليل ما فيه من الشواغل والمنغصاتوالقواطع فاتخذتموه أنتم من عند أنفسكم لهواً، فكان أكثره لكم ضراً وعليكم شراً، وخص الحرالي ) عند ( بما ظهر، و ) لدن ( بما بطن، فعلى هذا يكون المراد : من حضرتنا الخاصة بنا الخفية التي لا يطلع عليها غيرنا، لأن ما للملك لا يكون مبتذلاً، وكذلك لم يذكر إلا ما يتحقق المكذبون بالبعث وؤيته فوحد السماء هنا وجمعها في غير هذا الموضع لاقتضاء الحال ذلك.
ولما كان هذا مما ينبغي أن تنزه الحضرة القدوسية عنه وعن مجرد ذكره ولو على سبيل الفرض، أشار إلى ذلك بأداة شرط أخرى فقال :( إنا كنا فاعلين ) أي له، ولكنه لا يليق بجنابنا فلم نفعله ولا نكون فاعلين له ) بل ( وإشعار لهذا المعنى بالقذف والدمغ تصويراً للحق بجعل الحق كأنه جرم صلب كالصخرة قذف بها على جرم رخو أجوف فقال :( نقذف ) أي إنما شأننا أن نرمي رمياً شديدأ ) بالحق ( الذي و هذا الذكر الحكيم الذي أنزلناه جدالً كله وثباتاً جميعه لا لهو فيه ولا باطل، ولا هو مقارب لشيء منهما، ولا تقدرون أن تتخذوا شيءاً منه لهواً اتخاذاً يطابقكم عليه منصف، فنحن نقذف به ) على الباطل ( الذي أحدثتموه من غير أنفسكم ) فيدمغه ( اي فيمحقه محق المكسور الدماغ ) فإذا هو ( في الحال ) زاهق ) أي ذاهب الروح اي هلاك ؛ ثم عطف على ما أفادته ( إذا ) قوله :( ولكم ( ) ولكم ) أي وإذا لكم أيها المبطلون ) الويل مما تصفون ) أي من وصفكم لكل شيء بما تهوى أنفسكم من غير إذن منا لكم، لأنكم لا تقفون على حقائق الأمور، فإن وصفتم القرآن بشيء مما تقدم ثم عليه ثم قذفنا عليه بما يبين بطلانه، بان


الصفحة التالية
Icon