صفحة رقم ٧٧
) من معي ( ممن آمن بي وقد ثبت أنه كلام الله بعجزكم عن معارضته فانظروا هل تجدون فيه شيئاً يؤيد أمركم ) وذكر ) أي وهذا ذكر ) من قبلي ( فاسألوا أهل الكتابين هلى في الكتاب منهما برهان لكم.
ولما كانوا لا يجدون شبهة لذلك فضلاً اقتضى الحال الإعراض عنهم غضباً، فكان كأنه قيل : لا يجدون لشيء من ذلك برهاناً ) بل أكثرهم ( لأي هؤلاء المدعوين ) لا يعلمون الحق ( بل هم جهلة والجهل أصل الشر والفساد، فهم يكفرون تقليداًُ ) فهم ) أي فتسبب عن جهلهم ما افتتحنا به السورة من أنهم ) معرضون ( عن ذكرك وذكر من قبلك غفلة منمهم عما يراد بهم وفعلاً باللعب فعلَ القاصر عن درجة العقل، وبعضهم معاندة مع علمه الحق، وبعضهم يعلم فيفهم - كما أفهمه التقييد بالأكثر.
ولما كان التقدير بياناً لما في الذكرين : ولو أقبلوا على الذكر لعلموا أنا أوحينا إليك في هذا الذكر أنه لا إله ألا أنا، ما أرسلناك إلا لنوحي إليك ذلك، عطف عليه قوله :( وما أرسلنا ) أي بعظمتنا.
ولما كان الإرسال بالفعل غير مستغرق للزمان المتقدم لأنه كما أن الرسالة لا يقوم بها كل أحد، فكذلك الإرسال لا يصلح له كل زمن، أثبت الجار فقال :( من قبلك ( وأعرق في النفي فقال :( من رسول ( في شيع الأولين ) إلا لنوحي إليه ( من عندنا ) أنه لا إله إلا أنا ( ولم يقل : نحن، لئلا يجعلوها وسيلة إلى شبهة، ولذا قال :( فاعبدون ( بالإفراد، وترك التصريح بالأمر بالتخصيص بالعبادة لفهمه من المقام والحال، فإنهم كانوا قبل ذلك يعبدونه ولكنهم يشركون تنبيهاً على أن كل عبادة فيها شوب شرك عدم.
ولما دل على نفي مطلق الشريك عقلاً ونقلاً، فانتفى بذلك كل فرد يطلق عليه هذا السم، عجب من ادعائهم الشركة المقيدة بالولد، فقال عاطفاً على قوله
٧٧ ( ) واسروا النجوى ( ) ٧
[ طه : ٦٢ ] :( وقالوا ( قيل : الضمير لخزاعة حيث قالوا : الملائكة بنات الله، وقيل : لليهود حيث قالوا : إنه سبحانه صاهر الجن فكانت منهم الملائكة :( اتخذ ) أي تكلف كما يتكلف من يكون له ولد ) الرحمن ) أي الذي كل موجود من فيض نعمته ) ولداً (.
ولما كان ذلك أعظم الذنب، نزه نفسه سبحانه عنه بمجمع التنزيه فقال :( سبحانه ) أي تنزه عن أن يكون له ولد، فإن ذلك يقتضي المجانسة بينه وبين الولد،


الصفحة التالية
Icon