صفحة رقم ٩٠
وغيره، ودعائهم إلى التوحيد، والمجاهدة في الله على ذلك حق الجهاد، وهو أعظم آباء الرادين لهذا الذكر، والمستمسكين بالشرك تقليداً للآباء، إثباتاً للقدرة الباهرة الدالة على التوحيد الداعي إليه جميع هؤلاء الأصفياء، هذا مع مشاركته بإنزال الصحف عليه لموسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام ومشاركته لهما في الهجرة، وإذا تأملت ما في سورتي الفرقان والشعراء ازداد ما قلته وضوحاً، فإنه لما أخبر تعالى أنهم قالوا
٧٧ ( ) لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة ( ) ٧
[ الفرقان : ٢ ] بدأ بقصة موسى الذي كتب له ربه في الألواح من كل شيء، وقومه مقرّون بعظمة كتابه وأنه أوتي من الآيات ما بهر العقول، وكفر به مع ذلك كثير منهم.
ولما قال في الشعراء
٧٧ ( ) ما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث ( ) ٧
- [ الآية : ٥ ] كما هنا، صنع كما صنع هنا من البداءة بقصة موسى عليه السلام وإلائها ذكر إبراهيم عليه السلام فقال تعالى :( ولقد ءاتينا ( بما لنا من العظمة ) إبراهيم رشده ) أي صلاحه و إصابته وخه الأمر واهتداءه إلى عين الصواب وأدل الدلالة وأعرف العرف وأشرف القصد الذي جلبناه عليه ؛ وقال الرازي في اللوامع : والرشد قوة بعد الهداية - انتهى.
ةأضافة إليه إشارة إلى أنه رشد يليق به على علو مقامه وعظم شأنه لا جرم ظهر عليه أثر ذلك من بين أهل ذلك الزمان كلهم فآثر الإسلام على غيره من الملل ) من قبل ) أي قبل موسى وهارون عليهما السلام ) وكنا ( بما لنا من العظمة ) به ( ظاهراً وباطناَ ) عالمين ( بأنه جبلة خير يدوم على الرشد ويترقى فيه إلى أعلى درجاته لما طبعناه عليه بعظمتنا من طبائع الخير ؛ وتعليقُ ) إذ قال ) أي إبراهيم ) لأبيه وقومه ( ب ) عالمين ( إشارة إلى أن قوله لما كلن بإذن منا ورضى لنا نصرناه - وهو وحده - على قومه كلهم، ولو لم يم كن يرضينا لمنعانه منه بنصر قومه عليه وتمكين النار منه، فهو مثل ما مضى في قوله ) قل ربي يعلم القول في السماء والأرض ( ومفهوم هذا القيد لا يضر لأنه لا يحصي ما ينفيه من المنطوقات، وإن شئت فعلقة ب ) أيانتا ( ؛ ثم ذكر مقول القول في قوله منكراً عليهم محقراً لأصنامهم في أسوب التجاهل لإثبات دعوى جهلهم بدليل :( ما هذه التماثيل ) أي الصور التي صنعتموها مماثلين بها ما فيه روح، جاعلين بها ما لا يمون إلا لمن لا مثل له، وهي الأصنام ) التي أنتم لها ) أي لأجلها وحدها، مع كثرة ما يشابهها وما هو أفضل منها ) عاكفون ) أي موقعون الإقبال عليها مواظبرون على ذلك، فبأي معنى استحقت منكم هذا الاختصاص، وإنما هي مثال للحي في الصورة وهو أعلى منها بالحياة التي أفاضها الله عليه.
ولما أتاهم بهذا القاصم، استأنف الخبر سبحانه عن جوابهم بقوله :( قالوا (


الصفحة التالية
Icon