صفحة رقم ١٠٢
ولما نهاهن عن الاسترسال مع سجية النساء في رخامة الصوت، أمرهن بضده فقال :( وقلن قولاً معروفاً ) أي يعرف أنه بعيد عن محل الطمع.
ولما تقدم إليهن في القول وقدمه لعمومه، أتبعه الفعل فقال :( وقرن ) أي اسكنّ وامكثن دائماَ ) في بيوتكن ( فمن كسر القاف وهو غير المدنيين وعاصم جعل الماضي قرر بفتح العين، ومن فتحه عنده قرر بكسرها، وهما لغتان.
ولما أمرهن بالقرار، نهاهن عن ضده مبشعاً له، فقال :( ولا تبرجن ) أي تظاهرن من البيوت بغير حاجة محوجة، فهو من وادي أمر النبي ( ﷺ ) لهن بعد حجة الوداع بلزوم ظهور الحصر ) تبرج الجاهلية الأولى ) أي المتقدمة على الإسلام وعلى ما قبل الأمر بالحجاب، بالخروج من بيت والدخول في آخر، والأولى لا تقتضي أخرى كما ذكره البغوي، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنها ما بين نوح وإدريس عليهما السلام، تبرج فيها نساء السهول - وكن صباحاً وفي رجالهن دمامة - لرجال الجبال وكانوا صباحاً وفي نسائهن دمامة، فكثر الفساد، وعلى هذا فلها ثانية.
ولما أمرهن بلزوم البيوت للتخلية عن الشوائب، أرشدهن إلى التحلية بالرغائب، فقال :( وأقمن الصلاة ) أي فرضاً ونفلاً، صلة لما بينكن وبين الخالق لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ) وآتين الزكاة ( إحساناً إلى الخلائق، وفي هذا بشارة بالفتوح وتوسيع الدنيا عليهن، فإن العيش وقت نزولها كان ضيقاً عن القوت فضلاً عن الزكاة.
واما أمرهن بخصوص ما تقدم لأنهما أصل الطاعات البدنية والمالية، ومن اعتنى بهما حق الاعتناء جرتاه إلى ما وراءهما، عم وجمع في قوله :( إنما يريد الله ) أي وهو ذو الجلال والجمال بما أمركم به ونهاءكم عنه من الإعراض عن الزينة وما تبعها، والإقبال عليه، عزوفكم عن الدنيا وكل ما تكون سبباً له ) ليذهب ) أي لأجل أن يذهب ) عنكم الرجس ) أي الأمر الذي يلزمه دائماً الاستقرار والاضطراب من مذام الأخلاق كلها ) أهل ( يا أهل ) البيت ) أي من كل من تكون من إلزام النبي ( ﷺ ) من الرجال والنساء من الأزواج والإماء والأقارب، وكلما كان الإنسان منهم أقرب وبالنبي ( ﷺ ) أخص وألزم، كان بالإدارة أحق وأجدر.


الصفحة التالية
Icon