صفحة رقم ١٢٦
ولما كان هذا الدخول بالإذن مطلقاً، وكان يراد تقييده، وكان الأصل في ذلك : فإذا دعيتم - إلى آخره، ولكن كان المقام للختم بالجزم فيكا يذكر، وكان الاستدراك أمر عظيم من روعة النفس وهزهاً للعلم بأن ما بعده مضاد لما قبله قال :( ولكن إذا دعيتم ) أي ممن له الدعوة ) فادخلوا ) أي لأجل ما دعاكم له ؛ ثم سبب عنه قوله :( فإذا طعمتم ) أي أكلتم طعاماً أو شربتم شراباً ) فانتشروا ) أي اذهبوا حيث شئتم في الحال، ولا تمكثوا بعد الأكل لا مسترحين لقرار الطعام في بطونكم ) ولا مستأنسين لحديث ) أي طالبين الأنس لأجله، قال حمزة بن نضر الكرماني في كتابه جوامع التفسير : قال الحسن : حسبك في الثقلاء أن الله لم يتجوز في أمرهم - انتهى، وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : حسبك بالثقلاء أن الله لم يحتملهم، ثم علل ذلك بقوله مصوبا الخطاب إلى جمعيه، معظماً له بإداة البعد :( أن ذلكم ) أي الأمر الشديد وهو المكث بعد الفراغ من الأكل والشرب ) كأن يؤذي النبي ) أي الذي هيأناه لسماع ما ننبئه به مما يكوم سبب شرفكم وعلوكم في الدارين، فاحذروا أن تشغلوه عن شيء منه فننبئه بشيء تهلكون فيه.
ثم سبب عن ذلك المانع له من مواجهتهم بما يزيل أذاه فقال :( فيستحي ) أي يوجد الحياء، وأصله إيجاد الحياة.
كأن من لا حياء جماد لا حياة له ) منكم ) أي أن يأمركم بالانصراف ) والله ) أي الذي له جميع الأمر ) لا يستحي من الحق ) أي لا يفعل فعل المستحي فيؤديه ذلك إلى ترك الأمر به.
ولما كان البيت يطلق على المرأة لملازمتها له عادة، أعاد الضمير عليه مراداً به النساء استخداماً فقال :( وإذا سألتموهن ) أي الأزواج ) متاعاً ) أي شيئاً من آلات البيت ) فسئلوهن ) أي ذلك المتاع، كائنين وكائنات ) من وراء حجاب ) أي ستر يستركم عنهن ويسترهن عنكم ) ذالكم ) أي الأمر العالي الرتبة الذي أنبئكم جميعكم به من السؤال من وراء حجاب وغيره ) أطهر لقلوبكم وقلوبهن ) أي من وساوس الشيطان التي كان يوسوس بها في أيام الجاهلية قناعة منه بما كانوا في حبالته من الشرك ) وما كان لكم ) أي وما صح وما استقام في حال من الأحوال ) أن تؤذوا ( وذكرهم بالوصف الذي هو سبب لسعادتهم واستحق به عليهم من الحق ما لا يقدرون على القيام بشكره فقال :( رسول الله ( ( ﷺ )، أي الذي له جميع الكمال فله إليكم من الإحسان ما يستوجب منكم به غاية الإكرام والإجلال، فضلاً عن الكف عن الأذي، فلا تؤذه بالدخول إلى شيء من بيوته بغير إذنه أو المكث بعد فراغ الحاجة ولا بغير ذلك.
ولما كان قد قصره ( ﷺ ) عليهن، ولزم ذلك بعد أن أحل له غيرهن قصرهن عليه بعد الموت زيادة لشرفه وإظهارلمزيته فقال :( ولا أن تنكحوا ) أي فيما يستقبل من