صفحة رقم ١٣٣
ويسلمون عليه لأن ذلك من تمام الوصلة التي يدور عليها معنى الصلاة فأنتج ذلك قطعاً تفسير المراد بيصلون :( يا أيها الذين آمنوا ) أي ادعوا ذلك بألسنتهم ) صلوا عليه ( بعدم الغفلة عن المبادرة إلى إظهار شرفه في حين من الأحيان تصديقاً لدعواكم، ولأن الكبير إذا فعل شيئاً بادر كل محب له معتقد لعظمته إلى فعله ) وسلموا (.
ولما كان المراد بكل من الصلاة والسلام إظهار الشرف، وكان السلام أظهر معنى في ذلك، وكان تحيته عن اللقاء واجباً في التشهد بلا خلاف، ودالاً على الإذعان لجميع أوامره الذي لا يحصل الإيمان إلا به، وهو من المسلم نفسه، وأما الصلاة فأنها يطلبها المصلي من الله، أكدهما به فقال :( تسليماً ) أي فأظهورا شرفه بكل ما تصل قدرتكم إليه من حسن متابعته وكثرة الثناء الحسن عليه والانقياد لأمره في كل ما يأمر به، ومنه الصلاة والسلام عليه بألسنتكم على نحو ما علمكم في التشهد وغيره مما ورد في الأحاديث عن أبي سعيد الخدري وكعب بن عجزة وغيرهما رضي الله عنهم بيان التقاء الصلاة والسلام في إظهار الشرف فإن الصلاة - كما قال في القاموس - الدعاء والرحمة والاستغفار وحسن الثناء من الله عز وجل وعباده فيها ركوع وسجود - انتهى.
والسلام هو التحية والتحية - كما قال البيضاوي في تفسير سورة النساء - في الأصل مصدر حياك الله على الإخبار من الحياة، ثم استعمل للحكم والدعاء بذلك، ثم قيل لكل دعاء، فغلب في السلام، وفي القاموس : التحية : السلام والبقاء والملك، وحياك الله : أبقاك أو ملكلك، وقال الإمام أبو عبد الله القزاز في جامعه : السلام اسم من أسماء الله، والسلام ههنا بمعنى السلامة، كما يقال الرضاع والرضاعة، واللذاذ واللذاذة، قالوا : ومعنى قول القائل لصاحبه : سلام عليك أي قد سلمت مني لا أنالك بيد ولا لسان، وقيل : معناه السلامة من الله عليكم، وقيل : هو الرحمة، وقيل : الأمان، والسلامة هي النجاة من الآفات - انتهى.
فقد ظهر أن معنى الكل كما ترى ينظر إلى إظهار الشرف نظر الملزوم إلى اللازم، ولذلك فسر البيضاوي يصلون بقوله : يعنتون بإظهار شرفه وتعظيم شأنه، وسلموا بقوله : قولوا السلان عليك، أو انقادوا لأوامره، فلما تآخيا في هذا المعنى، وكان هو المراد أكد ولسلموا بلفظه، استعمالاً للشيء في حقيقته ومجازه كما هو مذهب إمامنا الشافعي رضي الله عنه، ومثل بآية النساء
٧٧ ( ) ا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ( ) ٧
[ النساء : ٤٣ ] وبقوله :
٧٧ ( ) أولامستم النساء ( ) ٧
[ النساء : ٤٣،


الصفحة التالية
Icon