صفحة رقم ١٣٩
الرسولا ) أي الذي بلغنا حتى نعاذ من هذا العذاب، وزيادة الألف في قراءة من أثبتها إشارة إلى إيذانهم بأنهم يتلذذون بذكره ويعتقدون أن عظمته لا تنحصر ) وقالوا ( لما لم ينفعهم شيء متبردين من الدعاء على من أضلهم بما لا يبرئ عليلاً ولا يشفي غليلاً :( ربنا ) أي أيها المحسن إلينا، وأسقطوا أداة النداء على عادة أهل الخصوص بالحضرة زياة في الترقق بإظهار أنه لا واسطة لهم إلا ذلهم وانكسارهم الذي عهد في الدنيا أنه الموجب الأعظم لإقبال الله على عبده كما أن المثبت لأداة البعد بقوله :( يا الله ) مضير إلى سفول منزلته وبعده بكثرة ذنوبه وغفلته تواضعاً منه لربه لعله يرفع ذلك البعد عنه.
ولما كانوا يظنون أن أتباعهم للكبراء غير ضلال، فبان لهم خلاف ذلك، أكدوا قولهم لذلك وللإعلام بأنهم بذلوا ما كان عندهم من الجهل فصاروا الآن على بصيرة من أمرهم :( إنا أطعنا سادتنا ( وقرئ بالجمع بالألف والتاء جمعاً سالماً للجمع المكسر ) وكبراءنا فأضلونا ) أي فتسبب عن ذلك، أنهم أضلونا بما كان لا ينفعه، وقراءة من أثبت الألف مشيرة إلى أنه سبيل واسع جداً واضح، وأنه مما يتلذذ ويجب تفخيمه.
ولما كام كأنه قيل : فما تريدون لهم ؟ قالوا مبالغين في الرقة وللأستعطاف بإعادة الرب :( ربنا ) أي أيها المحسن إلينا ) آتهم ضعفين ) أي مثلي عذابنا من وهن قوتنا وشدة المؤثر لذلك مضاعفاً أضعافاً كثيرة ) من العذاب ( ضعفاً بضلالهم، وآخر بلإضلالهم، وإذا راجعت ما في آواخر سبحان من معنى الضعف وضح لك هذا، ويؤيده قوله :( والعنهم لعناً كثيراً ) أي اطردهم عن محال الرحمة طرداً متناهياً في العدد، والمعنى على قراءة عاصم بالموحدة : عظيماً شديداً غليظاً.
ولما كان السبب في هذا التهديد كله ما كانوا يتعمدونه من أذى رسول الله ( ﷺ ) بقولهم : تزوج امرأة ابنه، وغير ذلك إلى أن ختمه بما يكون سبباً لتمنيهم طاعته، وكان سماع هذا لطفاً لمن صدق به، أتبعه ما هو كالنتيجة له فقال :( يا أيها الذين آمنوا ) أي صدقوا بما تلي عليهم ) لا تكونوا ( بأذاكم للرسول ( ﷺ ) بأمر زينب رضي الله عنها أو غيره.
كوناً هو كالطبع لكم ) كالذين آذوا موسى ( من قومه بني إسرائيل آذوه بأنواع الأذى كما قال نبينا ( ﷺ ) حين قسم قسماً فتكلم فيه أذى قارون له بالزانية التي استأجرها لتقذفه بنفسها فبرأة الله من ذلك، وكان سبب الخسف بقارون ومن معه ) فبرأه ) أي فتسبب عن أذاهم