صفحة رقم ٢٢٦
ولما كان ترك الإنسان للظلم في غاية الصعوبة، نبه على ذلك بصيغة الافتعال فقال :( ومنهم مقتصد ) أي متوسط في العمل غير باذل لجميع الجهد إلا أنه مجتنب للكبائر فهو مكفر عنه الصغائر، وهم الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً ) ومنهم سابق بالخيرات ) أي العبادات وجميع أنواع القربات، موف للمقام الذي أقيم به حقه كلما ازداد قرباً ازداد عملاً، لا يكون سابقاً إلا وهو هكذا، وهم السابقون الأولون من المهاجرون والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، ويؤيد هذا قول الحسن : السابق من رجحت حسناته، والمقتصد من استوت حسناته وسيئاته، والظالم من رجحت سيئاته.
وختم بالسابقين عقيب أهل القربات من الإعراب وأخر المرجين وعقبهم بأهل مسجد الضرار، وقدم سبحانه في الأحزاب المسلمين ورقى الخطاب درجة درجة إلى الذاكرين الله كثيراً، فهو سبحانه تارة يبدأ بالأدنى وتارة بالأعلى بحسب ما يقتضيه الحال كما هو مذكور في هذا الكتاب في محاله، وهذا على تقدير عود الضمير في ) منهم ( على ) الذين ( لا على ) العباد ( وهو مع تأيده بالمشاهدة وإن السياق لأن أهل العلم هو التالون لكتاب الله مؤيد بأحاديث لا تقصر - وإن كانت ضعيفة - عن الصلاحية لتقوية ذلك، فمنها ما رواه البغوي بسنده عن ابن الخطاب رضي الله عنه قرأ هذه الآية على المنبر وقال : قال رسول الله ( ﷺ ) :( سابقنا سابق، ومقتصدنا ناج، وظالمنا مغفور له ).
وبسنده عن أبي الدرداء رضي الله عنه ان رسول الله ( ﷺ ) قرأ هذه الآية وقال ( أما السابق بالخيرات فيدخل الجنة بغير حساب، وأما المقتصد فيحاسب حساباً يسيراً، وأما الظالم لنفسه فيحبس في المقام حتى يدخله الهم ثم يدخل الجنة ) ثم قرأ ) الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن (.
وروي بغير إسناد عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال : قال رسول الله ( ﷺ ) ( كلهم من هذه الأمة ).
وقال ابن الجوزي بعد أن ذكر حديث حديث رضي الله عنه بغير سند : وروى


الصفحة التالية
Icon