صفحة رقم ٢٢٩
والأثقال، التي أشار إليها قوله تعالى :( وإن تدع مثقلة إلى حملها ( الاية، استأنفوا قولهم في وصف دار القرار :( لا يمسنا ) أي في وقت من الأوقات ) فيها نصيب ) أي نصب بدن ولا وجع ولا شيء ) ولا يمسنا فيها لغوب ) أي كلال وتعب وإعياء وفتور نفس من شيء من الأشياء، قال أبو حيان : هو لازم من تعب البدن.
فهي الجديرة لعمري بأن يقال فيها :
علينا لا تنزل الأحزان شاحتها لو مسحها حجر مسته سراء
ولما بيّن ما هم من النعمة، بيّن ما لأعدائهم من النقمة، زيادة في سرورهم بما قاسوه في الدنيا من تكبرهم عليهم وفجورهم فقال :( والذين كفروا ) أي ستروا ما دلت عليه عقولهم من شموس الآيات وأنوار الدلالات ) لهم نار جهنم ) أي بما تجهموا أولياء الله الدعاء إليهم.
ولما كانت عادة النار إهلاك من دخلها بسرعة، بيّن أن حالها على غير ذلك زيادة في نكالهم وسوء مآلهم فقال مستأنفاً :( لا يقضى ) أي لا يحكم وينفذ ويثبت من حاكم ما ) عليهم ) أي بموت ) فيموتوا ) أي فيتسبب عن القضاء موتهم، وإذا راجعت ما مضى في سورة سبحان من قوله
٧٧ ( ) فلا يملكون كشف الضر عنكم ( ) ٧
[ الأسراء : ٥٦ ] وما يأتي إن شاء الله تعالى في المرسلات من قوله :
٧٧ ( ) ولا يؤذن لهم فيعتذرون ( ) ٧
[ المرسلات : ٣٦ ] علمت سر وجوب النصب هنا لأنه ثبوت المعجزة يستوي فيها المسع والبصر، وبنى أبو عمرو الفعل للمفعول إشارة إلى سهولته وتيسره ورفع ) كل (.
ولما بيّن عذابهم بين اكتئابهم فقال :( وهم ) أي فعل ذلك بهم والحال أنهم ) يصطرخون فيها ) أي يوجدون الصراخ فيها بغاية ما يقدرون عليه من الجهد في الصياح بالبكاء والنواح.
ولما بيّن ذلك بيّن قولهم في اصطراخهم بقوله :( ربنا ) أي يقولون : أيها المحسن إلينا ) أخرجنا ) أي من النار ) نعمل صالحاً ( ثم أكدوه وفسروه وبينوه بقولهم على سبيل التحسر والاعتراف بالخطأ أو لأنهم كانوا يظنون عملهم صالحاً ) غير ذلك كنا ) أي بغاية جهدنا ) نعمل ( فتركوا الترقق والعمل على حسبه في وقت


الصفحة التالية
Icon