صفحة رقم ٢٤٨
سبيل إلى استقامته، فلا تذهب نفسك عليهم حسرات، فإنه ليس عليك إلا الإنذار، إن الله عليم بما يصنعون، فمن علم منه هذه الخشية أقبل به، ومن علم منه القساوة رده على عقبه بما حال دونه من الغشاوة - والله الموفق.
ولما دل السياق على أن هذا نفع نفسه، تشوف السامع إلى معرفة جزائه، فقال مفرداً الضمير على النسق الماضي في مراعاة لفظ ( من ) دلالة على قلة هذا الصنف من الناس بأجمعهم في هذه السورة الجامعة بكونها قلباً لما تفرق في غيرها :( فبشره ) أي بسبب خشيته بالغيب ) بمغفرة ) أي لذنوبه وإن عظمت وإن تكررت مواقعته لها وتوبته منها، فإن ذلك لا يمنع الاتصاف بالخشية.
ولما حصل العلم بمحو الذنوب عينها وأثرها قال :( وأجر كريم ) أي دارّ عظيم هنيء لذيذ متواصل، لا كدر فيه بوجه.
يس :( ١٢ - ١٦ ) إنا نحن نحيي.....
) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَاَ قَدَّمُواْ وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَّثَلاً أَصْحَابَ القَرْيَةِ إِذْ جَآءَهَا الْمُرْسَلُونَ إِذْ أَرْسَلْنَآ إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُواْ إِنَّآ إِلَيْكُمْ مُّرْسَلُونَ قَالُواْ مَآ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَآ أَنَزلَ الرَّحْمَنُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ قَالُواْ رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّآ إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ ( ( )
ولما بين الأصل الثاني هو الرسالة واتبعها ثمرتها المختومة بالبشارة، وكان الأصل الثالث في الإيمان - وهو البعث - سبباً عظيماً في الترقية إلى اعتقاد الوحدانية التي هي الأصل الأول، وكان أكثر الخائفين مهه سبحانه مقتراً عليهم في دنياهم منغضة عليهم حياتهم، علل هذه البشارة إعلاماً بأن هذا الأجر في هذه الدار بالملابس الباطنة الفاخرة من المعارف والسكينة والبركات والطمأنينة، وبعد البعث بالملابس الطاهرة الزاهرة المسببة عن الملابس الدنيوية الباطنة الخفية من غير أهلها، بشارة لهم ونذارة للقسم الذي قبلهم بقوله، مقدماً للبعث لما ذكر من فائدته، لافتاً القول إلى مظهر العظمة إيذاناً بعظمة ههذ المقاصد وبأنه لا يحمي لهؤلاء الخلص مع قلتهم ومباينتهم للأولين مع كثرتهم إلا من له العظمة الباهرة :( إنا نحن ) أي بما لنا من العظمة التي لا تضاهى ) نحيي ) أي بحسب التدريج الآن وجملة في الساعة ) الموتى ) أي كلهم حساً بالبعث ومعنى بالإنقاذ إذا أردنا من ظلم الإجمال ) ما قدموا ( من جميع أفعالهم وأحوالهم واقوالهم جملة عند نفخ الروح ) وآثارهم ) أي سنتهم التي تبقى من بعدهم صالح كانت أو غير صالحة، ونجازي كلاً بما يستحق في الدار الآخرة التي الجزاء فيها لا ينقطع، فلا أكرم منه إذا كان كريماً.
ولما كان ذلك ربما أوهم الاقتصار هلى كتابة ما ذكر من أحوال الآدميين أو