صفحة رقم ٢٥٣
وكل ما يأمرونكم به ؛ ثم نبههم على الداعي إلى اتباعخم والمانع من الإعراض عنهم بقوله، معداً الفعل دلالة على شدة اهتمامه به :( اتبعوا ) أي بغاية جهدكم ) من لا يسئلكم ) أي في حال من الأحوال ) أجراً ( ولما كان أفرد الضمير نظراً إلى لفظ ( من ) دلالة على وجوب الاتباع لمن اتصف بهذا الأمر الدال على الرسالة وإن كان واحداً، جمع بياناً للأولوية بالتظافر والتعاضد والاتفاق في الصيانة والبعد عن الدنس، الدال على اتحاد القصد الدال على تحتم الصدق فقال :( وهم مهتدون ) أي ثابت لهم الاهتداء لا يزايلهم، ما قصدوا شيئاً إلا أصابوا وجه صوابه، فتفوزوا بالدين الموجب للفوز بالآخرة، ولا يفوتكم شيء من الدنيا، فأتى بمجاميع الترغيب في هذا الكلام الوجيز.
ولما أفهم السياق أنه قال : فإني اتبعتهم في عبادة الله، بنى عليه قوله جواباً لمن يلومه على ذلك وترغيباً فيما اختاره لنفسه وتوبيخاً لمن يأباه :( وما ) أي وأي شيء ) لي ( في أني ) لا أعبد الذي فطرني ) أي وإليه أرجع، فله مبدئي ومعادي، وما لكم لا تعبدون الذي فطركم ) وإليه ) أي لا لما دل عليه ثانياً، وإنكاره عليهم ثانياً بما دل عليه أولاً من إنكاره على نفسه استجلاباً لهم بإظهار الإنصاف، والبعد عن التصريح بالخلاف، وفيه تنبيه لهم على موجب الشكر، وتهديد على ارتكاب الكفر.
ولما أمر صريحاً ونهى تلويحاً، ورغب ورهب، ووبخ وقرع، وبين جلالة من آمن به ومن كانوا سبباً في ذلك، أنكر على من يفعل غيره بالإنكار على نفسه، محقراً لمن عبدوه من دون الله وهو غارقون في نعمه، فقال مشيراً بصيغة الافتعال إلى أن ذلك مخالفة للفطرة الأولى :( ءأتخذ ( وبين علو رتبته سبحانه بقوله :( من دونه ) أي سواء مع دنو المنزلة ؛ وبين عجز ما عبدوه بتعدده فقال :( آلهة ( ثم حقق ذلك بقوله مبيناً بأداة الشك أن النفع أكثر من الضر ترغيباً فيه سبحانه :( إن يردن ( إرادة خفيفة بما أشار إليه حذف الياء، أو شديدة بما أشار إليه إثباتها، ظاهرة بما دل تحريكها، أو خفية بما نبه عليه إسكانها.
ولما ذكرهم بإبداعه سبحانه له إرشاداً إلى أنهم كذلك، صرح بما يعمهم فقال :( الرحمن ) أي العام النعمة على كل مخلوق من العابد والمعبود، وحذرهم بقوله :( بضر ( وأبطل أنهى ما يعتقدونه فيها بقوله :( لا تعن عني ) أي وكل أحد مثلي في هذا ) شفاعتهم ( وأبطل ما يعتقدونه فيها بقوله :( لا تغن عني ) أي وكل أحد مثلي في هذا ) شفاعتهم ) أي لو فرض أنهم شفعوا ولكن شفاعتهم لا توجد ) شيئاً ( من إغناء.
ولمادل بإفراد الشفاعة على عدهم عدما ولو اتحدت شفاعتهم وتعاونهم في آن


الصفحة التالية
Icon