صفحة رقم ٢٧١
النفس وبهجة العين بانفساح البصر عند مد النظر، قال :( على الأرائك ) أي السرر المزينة العالية التي هي داخل الحجل، قال البغوي : قال ثعلب : لا يكون أريكة حتى يكون عليها حجلة، وقال ابن جرير : الأرائك : الحجال فيها السرر، وروى أبو عبيد في كتاب الفضائل عن الحسن قال : كنا لا ندري ما الأرائك حتى لقينا رجلاً من أهل اليمن فأخبرنا أن الأريكة عندهم الحجلة فيها السرير.
وهذا جزاء لما كانوا يلزمون المساجد ويغضون الأبصار ويضعون نفوسهم لأجلنا ) متكئون ( كما كانوا يدأبون في الأعمال قائمين بين أيدينا في أغلب الأحوال، والاتكاء : الميل على شق مع الاعتماد على ما يريح الاعتماد عليه، أو الجلوس مع التمكين على هيئة المتربع، وقراءته بضم الكاف وحذف الهمزة أدل على التربع وما قاربه، وقراءة كسر الكاف وضم الهمزة أدل على القرب من التمدد لما فيها من الكسرة، فإنه يقال كما نقله أبو عبد الله القزاز : اتكأت الرجل اتكاء - إذا وسدته أي جعلت له وسادة، أي محذة يستريح عليها.
يس :( ٥٧ - ٦٤ ) لهم فيها فاكهة.....
) لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَّا يَدَّعُونَ سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ وَامْتَازُواْ الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يبَنِي آدَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُواْ الشَّيطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُواْ تَعْقِلُونَ هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ ( ( )
ولما قدم المعاني التي توجب أكل الفاكهة، أتى بها فقال :( لهم ) أي خاصة بهم ) فيها فاكهة ) أي لا تنقطع أبداً، فلا مانع لهم من تناولها، ولا يوقف ذلك على غير الإرادة.
ولما كانت الفاكهة قد تطلق على ما يلذذ، صرح بأن ذلك هو المراد، فقال معبراً بالعطف لتكون الفاكهة مذكروة مرتين خصوصاً وعموماً :( ولهم ( ولما كان السياق لأصحاب الجنة الذين تفهم الصيحة أنهم فيها دائماً وإن كانوا في الدنيا، أعري الكلام من الظرف ليفهم إجابة دعائهم في الدنيا وإنالتهم جميع مرادهم في الدارين فقال :( ما يدعون ) أي الذي يطلبون طلباً أما إخراجاً لما قد يهجس في النفس من غير عزم عليه إن كان المراد في الجنة من غير كلام الله كالمآكل والمشارب ونحوها، وإما إظهار للاهتمام إن كان المراد أنه كلامه سبحانه، وذلك لأجل ما كانوا في الدنيا يفطمون أنفسهم عن الشهوات عزوفاً عما ينفى، وطموحاً إلى ما عندنا من الباقيات الصالحات، ثم فسر يدعونه - أي يطلبونه - بغاية الاشتياق إليه أو استأنف الإخبار عنه بقوله :( سلام ) أي عظيم جداً لا يكتنه وصفه، عليكم يا أهل الجنة، كائن هو أو


الصفحة التالية
Icon