صفحة رقم ٢٨٥
العقل - تغلب عليه الإنس بنفسه حتى يصير مثلاً فقال :( الإنسان ) أي جنسه منهم ومن غيرهم وإن كان الذي نزلت فيه واحداً ) أنا خلقناه ( بما لنا من العظمة ) من نطفة ) أي شيء يسير حقير من ماء لا انتفاع به بعد إبداعنا أباه من تراب وأمه من لحم وعظام ) فإذا هو ) أي فتسبب عن خلقنا له من ذلك المفاجأة لحالة هي أبعد شيء من يريده حتى أنه ليجادل من أعطاء العقل والقدرة في قدرته، أنشد الأستاذ أبو القاسم القشيري في ذلك :
أعلمه الرماية كل يوم فلما اشتد ساعدوه رماني
ولما كان التقدير : فبعد - مع أنا تفردنا بالإنعام عليه - عيرنا وخاصم - بما خلقناه له من اللسان وآتيناه من البيان - رسلنا وجميع أهل ودنا، عطف عليه قوله مقبحاً إنكارهم البعث تقبيحاً لا يرى أعجب منه، ولا أبلغ ولا أدل على التمادي، في الضلال والإفراط في الجحود وعقوق الأيادي :( وضرب ) أي هذا الإنسان ؛ وسبب النزول أبي بن خلف الجمحي الذي قتله النبي ( ﷺ ) بأحد مبارزة، فهو المراد بهذا التبكيت بالذات وبالقصد الأول ) لنا ) أي على ما يعلم من عظمتنا ) مثلاً ) أي آلهته التي عبدها لكونها لا تقدر على شيء مكابراً لعقله في أنه لا شيء يشبهنا ) ونسي ) أي هذا الذي تصدى على نهاية أصله لمخاصمة الجبار، وأبرز صفحته لمجادلته، والنسيان هنا يحتمل أن يكون بمعنى الذهول، وأن بكون بمعنى الترك ) خلقه ) أي خلقنا لهذا المخاصم الدال على كمال قدرتنا، وصار مقولاً له : يا قليل الفطنة أفمن يخلق كمن لا يخلق ؟ أفلا تذكرون ؟ ثم استأنف الإخبار عن هذا المثل بالإخبار عن استحالته لأن يقدر أحد على إحياء الميت كما أن معبودانه لا تقدر على ذلك فقال :( قال ) أي على سبيل الإنكار :( من يحيي (.
ولما كانت العظام أصلب شيء وأبعده عن قبول الحياة لا سيما إذا بليت وأرفتت قال :( العظام وهي ( ولما أخبر عن المؤنث باسم لما بلي من العظام غير صفة، لم يثبت تاء التأنيث فقال :( رميم ) أي صارت تراباً يمر مع الرياح.
يس :( ٧٩ - ٨٣ ) قل يحييها الذي.....
) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَآ أَنتُم مِّنْه تُوقِدُونَ أَوَلَيْسَ الَذِي خَلَقَ السَّمَاواتِ وَالأَرْضَ