صفحة رقم ٣٠١
أي الذين ظلموا ) على بعض ) أي بعد إيافهم وتوبيخهم، وعبر عن خصامهم تهكماً بهم بقوله :( يستاءلون ) أي سؤال خصومة.
ولما كان كأنه قيل : عما ذا ؟ أجيب بقوله :( قالوا ) أي الأتباع لرؤسائهم مشرين بأداة الكون إلى المداومة على إضلالهم مؤكدين لأجل تكذيب الرؤساء لهم :( إنكم كنتم ( ولما كانوا يستغوونهم ويغرونهم بما تقبله عقولهم على ما جرت به عوائدهم بحيث يقطعون بذلك قطع من كان يريد الذهاب إلى أمر فتطير بالسانح والبارح، فرأى ما يحب فأقدم عليه وهو قاطع بحصوله، أشاروا إلى ذلك بقوله :( تأتوننا ( مجاوزين لنا ) عن اليمين ) أي عن القوة والقهر والغلبة والسلطان في حملكم لنا على الضلال، ففعلنا في طاعتكم فعل من خرج لحاجة، فرأى ما أوجب إقدامه عيلها، فهذا كان سبب كفرنا، وكان هذا التفاؤل مما نسيت العرب كيفيته لما نسخه الشرع كما وقع في الميسر فاضطرب كلام أهل اللغة في تفسيره، قال صاحب القاموس : البارح من الصيد ما مر من ميامنك إلى مياسرك، وسنح الظبي سنوحاً ضد برح.
وقال ابن القطاع في كتاب الأفعال : وسنح الشيء سنوحاً : تيسر، والطاشر والظبي : جرى عن يمينك إلى يسارك وهو يتيمن به، وقال في مادة ( برح ) : وبرح الطائر والظبي وغيرهما ضد سنح، وهو ما أراك ميامنه، وأهل الحجاز يتشاءمون به، وغيرهم يتيمنون به ويتشاءمون بالسانح، وقال ابن مكتوم في الجمع بين العباب والمحكم في مادة ( برح ) : والبارح خلاف السانح، وقد برح الظبي - إذا والاك مياسره يمر من ميامنك إلى مياسرك، والعرب تختلف في عيافه وقيل، السانح ما يجيء عن يمينك فتلي مياسره مياسرك، والعرب تختلف في عيافة ذلك، فمنهم من يتيمن بالسانح ويتشاءم بالبارح، وعلى هذا المثل : من لي بالسانح بعد البارح، قال في القاموس : أي بالمبارك بعد المشؤوم، ومنهم من يتشاءم بالسانح، وقال الإمام أبو عبد الله القزاز في مادة ( سنح ) : والسانح من الطير والظباء وغيرهما هو الذي يلقاك وشمائله عن شمائلك، وهو مما يتمين به أهل العالية، ويتشاءمون بالسانح، والسانح هو الذي يلقاك وميامنه عن ميامنك، وهو مما يتيمن به أهل نجد ويتشاءمون بالبارح، والبارح أبين في التشاؤم من السانح، لأن البارح هو الذي يأخذ عن يسارك إلى يمينك فلا يمكنك طعنه، فيتشاءم به لتعذره على الطاعن أو الرامي، ولذلك قال أبو