صفحة رقم ٣٣١
ولما كان الإنسان، وإن احتهد في الإنسان، لا بد أن يحتاج إلى الغفران، لما له من النقصان، لأن رتبة الإلهية لا تصل إلى القيام بحقها العوائق البشرية، بين أن الظلم المراد هنا إنما هو التجاوز في الحدود بغاية الشهوة فقال :( مبين ( وأما غير ذلك فمغفور كما قرر في نحو ) لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ( ( ومن هم بسيئة ولم يعملها كتبت له حسنة )
٧٧ ( ) وأن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم ( ) ٧
[ النساء : ٣١ ].
قصة ذبح إبراهيم لولده عليهما السلام من التوارة وبيان انهم بدلوها، قال مترجمهم : فغرس إبراهيم ببئر سبع غرساً، وبنى هنالك باسم الرب إله العالمين، وسكن إبراهيم أرض فلسطين - يعني عند تلك البئر - أياماً كثيرة.
ولما كان من بعد هذه الخطوب امتحن الله إبراهيم، وقال له : يا إبراهيم فقال : لبيك، فقال له : انطق بابنك الوحيد إسحاق الذي تحبه إلى أرض الأمورانيين - وفي نسخة : إلى بلدة العبادة - وأصعد إليّ قرباناً على أحد تلك الجبال الذي أقول لك، فأدلج إبراهيم باكراً فأسرج حماره وانطلق بغلاميه وإسحاق ابنه، وشق حطباً للقربان ونهض وانطلق إلى الموضع الذي قال الله له، وفي اليوم الثالث رفع إبراهيم بصره ونظر إلى ذلك الموضع من بعيد فقال لغلاميه : امكثا هاهنا عند الحمار، وأنا والغلام ننطلق إلى هاهنا نصل ونرجع إليكما، فأخذ إبراهيم حطب القربان، وحمله إسحاق ابنه، وأخذ معه ناراً وسكيناً، وانطلقا كلاهما جميعاً، وقال إسحاق لأبيه إبراهيم : يا أبة، فقال له : لبيك، فقال له : هذه النار والحطب، أين حمل القربان، فقال إبراهيم : الله يعد لنا حملاً للقربان يا بني، فانطلقا جميعاً حتى انتهيا إلى الموضع الذي قال الله، فبنى هنالك إبراهيم مذبحاً ونضد عليه الحطب وكتف إسحاق فوضعه في أعلى المذبح على الحطب، ومد يده إبراهيم فأخذ السكين ليذبح ابنه، فدعاه ملاك الرب من السماء وقال : يا إبراهيم يا إبراهيم، فقال : لبيك فقال : لا تبسط يدك على الغلام ولا تصنع به شيئاً لأنك قد أظهرت الآن أنك تتقي الله إذا لم تمنعني ابنك الوحيد، فمد إبراهيم بصره فإذا كبش معلق في شجرة بقرنيه، فانطلق إبراهيم فأخذ الكبش فأصعده قرباناً بدل ابنه اسحاق، فسمى إبراهيم ذلك الموضع ( الله يتجلى ) كما يقال : الله في هذا الجبل، الله يتجلى، فدعل ملاك الرب إبراهيم ثانية من السماء وقال : بي أقسمت، يقول الرب : بدل ما صنعت هذا الصنيع


الصفحة التالية
Icon