صفحة رقم ٣٣٦
فرعون وغيره ) فكانوا هم ) أي خاصةى ) الغالبين ) أي على كل من يسومهم سوء العذاب، وهو فرعون وآله وعلى جميع من ناووه أو ناواهم، فاحذروا يا معشر قريش والعرب من مثل ذلك، ولقد كان ما حذرهم منه رسول الله ( ﷺ ) على أعظم ما يمكن أن يكون إلا نبينا ( ﷺ ) لما كان نبي الرحمة لين الله قلوبهم حتى ردهم إلى ما اغتبطوا به من متابعته، فصاروا به ملوك الدنيا والآخرة.
ولما كانت فائدة النصرة التمكن من إقامة الدين قال :( وآتيناهما ) أي بعظمتنا بعد إهلاك عدوهم ) الكتاب المستبين ) أي الجامع البين الذي هو لشدة بيانه طالب لأن يكون بيناً وهو كذلك فإنه ليس شيء من الكتب مثل التوارة في سهولة مأخذها، وجمع هارون عليه السلام معه في الضمير لأنه مثله في تقبل الكتاب والعمل بجميع ما فيه والثبات على ما يدعو إليه وإن كان نزوله خاصاً بموسى عليه السلام :( وهديناهما الصراط ) أي الطريق الواضح في الإيصال إلى المقصود ) المستقيم ) أي الذي هو لعظيم تقومه كأنه طالب لأن يكون قويماً، فهو في غاية المحافظة على القوم فلا يزيغ أصلاً، ولذلك هو شرائع الدين القيم.
ولما كان الذكر الجميل عند ذوي الهمم العالية والعزائم الوافية هو الشرف قال :( وتركنا عليهما ) أي ما تعرفون من الثناء الحسن ) في الآخرين ) أي كل من يجيء بعدهما إلى يوم الدين.
ولما ظهر بهذا أن لهما من الشرف والسؤدد أمراً عظيماً كانت نتيجته :( سلام ) أي عظيم ) على موسى ( صاحب الشريعة العريق في الاتصاف بمقصود السورة ) وهارون ( وزيره وأخيه.
ولما كان نصر النبي ( ﷺ ) بمن معه من الضعفاء على قريش وسائر العرب عند قريش في غاية البعد، وكان التقدير : فعلمنا معهما ذلك لإحسانهما، علله بما يقطع قلوب قريش في مظهر التأكيد فقال :( إنا كذلك ) أي مثل هذا الجزاء ) نجزي ) أي دائماً في كل عصر ) المحسنين ) أي العريقين في هذا الوصف ؛ ثم علل إحسانهما وبينه وأكده ترغيباً في مضمونه، وتكذيباً لمن يقول : إن المؤمنين لا ينصرون، بقوله :( إنهما من عبادنا ) أي الذين محضوا العبودية والخضوع لنا ) المؤمنين ) أي الثابتين في وصف الإيمان.
الصافات :( ١٢٣ - ١٣٠ ) وإن إلياس لمن.....
) وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلاَ تَتَّقُونَ أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَآئِكُمُ الأَوَّلِينَ فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ إِلاَّ عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ سَلاَمٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ ( ( )
ولما كان إلياس أعظم المتجردين من أتباعهما المجددين لما درس من أحكام