صفحة رقم ٣٣٩
الفواصل، فكان لا فرق في تأدية المعنى بين الإيتان بما اتفق منها، وكان ما كثرت حروفه منها أضخم وأجل وأفخم، وكان السياق بعد كثير من مناقبه لنهاية المدحة، كان الأحسن التعبير بما هو أكثر حروفاً وهو موافق للفواصل ليفيد ذلك تمكينه في الفضائل ولتحقق أنه اسم أعجمي لا عربي مشتق من الياس وإن أوهمت ذلك قراءة ابن عامر بوصل همزته فقال :( على آل يس ( ومن قرأ آل يس فيجوز أن يكون المراد في قراءته ما أريد من القراءة الأخرى لأن أهل اللغة قالوا : أن الآل هو الشخص نفسه، ويس إما لغة في إلياس أو اختصرت اللغة الثانية التي هي إلياسين فحذف منها الهمزة المكسورة مع اللام، ويجوز أن يكون المراد بآله أتباعه، ويكون ذلك أضخم في حقه لما تقدم مما يدعو إليه السياق، ويجوز أن يقصد بهذه القراءة جميع الأنبياء المذكورين في هذه السورة الذين هو أحدهم، أي على الأنبياء المذكورين عقب سورة يس دلالة على ما دعت إليه معانيها من الوحدانية والرسالة والبعث وإذلال العاصي وإعزاز الطائع المجرد لنفسه في حب مولاه عن جميع العوائق، القاطع للطيران إليه أقوى العلائق، وخص بهذا هذه القصة لأنها ختام القصص المسلم فيها على أهلها.
الصافات :( ١٣١ - ١٣٥ ) إنا كذلك نجزي.....
) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ وَإِنَّ لُوطاً لَّمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عَجُوزاً فِي الْغَابِرِينَ ( ( )
ولما أظهر سبحانه شرف إلياس عليه السلام أو الأنبياء الذين هو أحدهم، علله مؤكداً له تنبيهاً على أنه لا بد من إعلاء النبي ( ﷺ ) وأتباعه على كل من يناويهم وإن كذبت بذلك قريش فقال :( إنا كذلك ) أي مثل هذا الجزاء العظيم ) نجزي المحسنين ) أي الذين هو من أعيانهم ؛ ثم علل الحكم بإحسانه مؤكداً لما مضى في مثله بقوله :( إنه من عبادنا ) أي الجديرين بالإضافة إلينا ) المؤمنين ( ويستفاد من التأكيد أيضاً التنبيه على رسوخ قدمه في الإيمان وأنه بحيث تشتد الرغبة ويقوى النشاط في الإخبار به على ذلك الوجه.
ولما أتم ما أراد سبحانه من أمور المحسنين من ذرية إبراهيم عليه السلام المرسلين إلى ذريته في التسلية، والترجية وقدمهم لأن المنة عليهم منه عليه، والإنسان بابنه أسر منه بقريبه، وهم الذين أظهر الله بهم وما ترك عليه، من لسان الصدق في الآخرين.
أتبعهم قصة ابن أخيه مع أهل بلاد الأردن من غير قومهم، فقال مؤكداً للتنبيه على نصر المؤمنين وإن كانوا في القلة والذلة على حال لا يظن انجباره وتكذيباً لليهود المكذبين برسالته أو الشاكين فيها :( وإن لوطاً ) أي الذي جرد نفسه من مألوفها من بلاده وعشائره بالهجرة مع عمه إبراهيم عليهما السلام ) لمن المرسلين ( ولما كان


الصفحة التالية
Icon