صفحة رقم ٣٥٤
من قاذورات الشرك، وأحللنا بها طهارة التنزيه وأقداس التحميد، وكذا كان، فإنه ( ﷺ ) قال لهم وهو على درج الكعبة وهم تحته كالغنم المجموعة في اليوم المطير بعد أن قال ( ا إله إلا الله وحده لا شريك له صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده ) : تظنون أني فاعل بكم يا معاشر قريش ( قالوا : خيراً، أخ كريم وابن أخ كرين، قال ) اذهبوا فأنتم الطلقاء ( وقال له صفوان بن أمية : اجعلني بالخيار شهرين، قال ) أنت بالخيار أربعة أشهر ( ولم يكلف أحداً منهم الإسلام حتى أسلموا بعد ذلك طوعاً من عند آخرهم.
ولما حصر الطائف فعسرت عليه انصرف عنها، فما لبثوا أن أرسلوا إليه رسلهم وأسلموا فحسن إسلامهم ولم يرتد أحد منهم في الردة، وهذا من معنى ) فسوف يبصرون (.
ولما تقرر له سبحانه من العظمة ما ذكر، فكان الأمر أمره والخلق خلقه، ثبت تنزهه عن كل نقص واتصافه بكل كمال، فلذلك كانت نتيجة ذلك الختم بمجامع التنزيه والتحميد فقال :( سبحان الله ) أي المحسن إليك بإرسالك وإقامة الدليل الظاهر المحرر على صدقك بكل ما يكون من أحوال أعدائك من كلام أو سكوت، وتأييدك بكل قوة وإلباسك كل هيبة ) رب العزة ) أي التي هو مختص بها بما أفهمته الإضافة وأفاد شاهد الوجود وحاكم العقل، وقد علم بما ذكر في هذه السورة أنها تغلب كل شيء ولا يغلبها شيء، وفي إضافة الرب إليه وإلى العزة وإن رئي في ظاهر الأمر غير ذلك ) عما يصفون ( مما يقتضي النقائص لما ثبت من ضلالهم وبعدهم عن الحق.
ولما قدم السلام على من شاء تخصيصه في هذه السورة من رسله عمهم فقال عاطفاً على ) سبحان ( :( وسلام ) أي تنزه له وسلامة وشرف وفخر وعلا ) على المرسلين ) أي الواصفين له بما له أهل، الذين اصطفاهم، الصافين صفًّا، الزاجرين زجراً، التالين ذكراً، من البشر والملائكة المذكورين في هذه السورة وغيرهم لأجل ما حكم لهم من سبحانه في الأزل من العز والنصر ) والحمد ) أي الإحاطة بأوصاف الكمال ) لله ) أي الجامع لجميع الأسماء الحسنى التي دل عليها مجموع خلقه، وإلى ذلك أشار بقوله :( رب العالمين ( فهو حينئذ الواحد المعتال، الذي تنزه