صفحة رقم ٣٦٣
يسوغ لأحد تغيير دينهم والطعن عليهم بدين محدث وإن قامت عليه الأدلة وتعاضدت على حقيقته البراهين فما لآبائهم غيروا دين آبائهم لأجل ما أحدثه عمرو بن لحي - شخص ليس من قبيلتهم، وشهدوا على آبائهم بالضلال وهم عالمون بأن ما غيروه دين إسماعيل ومن قبله إبراهيم ومن تبعهما من صالحي أولادهما عليهم السلام، وأن كان المدار على المحدث حتى ساغ تغيير دين الأنبياء ومن تبعهم بإحسان عليهم السلام بما أحدثه عمرو بن لحي فما لهم لا يغيرون ما ابتدع من الضلال بما أتاهم به النبي ( ﷺ ) وسموه محدثاً، وإن كان المدار على الحق فما لهم لا ينظرون الأدلة ويتبعون الحجج.
ولما كان هذا دالاً على أنهم ليسوا على ثقة مما جزموا به قال :( بل ) أي أنهم ليسوا جازمين بما قالوا وإن أكدوه غاية التأكيد، بل ) هم في شك ) أي تردد محيط بهم مبتدئ لهم ) من ذكري ) أي فلهذا لا يثبتون فيه على قول واحد، أي إن أحوالهم في أقوالهم وأفعالهم أحوال الشاك.
وعدل عن مظهر العظمة إلى الإفراد لأن هذا السياق للتوحيد فإلافراد أولى به وليكون نصاً على المراد بعد ذكر آلهتهم قطعاً لشبه متعنتيهم.
ولما كانوا في الحقيقة على ثقة من حقيقته وإن كان قولهم وفعلهم قول الشاك قال :( بل ) أي ليسوا في شك منه في نفس الأمر وإن كان قولهم قول من هو في شك.
ولما كانوا قد جرت لهم مصايب ومحن، وشدائد وفتن، ربما : ظنوا أنه لا يكون شيء من العذاب فوقها، نفى أن يكونوا ذاقوا شيئاً من عذابه الذي يرسله عند إرادة الانتقام، فعبر بما يفيد استغراق النفي في جميع الزمن الماضي فقال :( لما يذوقوا ( من أول أمرهم إلى الآن ) عذاب ) أي الذي أعددته للمكذبين فهم في عزة وشقاق، ولو ذاقوه لانحلت عرى عزائمهم، وصاروا أذل شيء وأحقره ادناه وأصغره وإطباق أهل الرسم وأكثر القراء على حذف يائه رسماً وقراءة إشارة إلى أنه العذاب الأدنى المذهب لحمية الجاهلية، وإثبات يعقوب وحده لها في الحالين إشارة إلى أنه العذاب المعد لإهلاك الأمم الطاغية لا مطلق العذاب.
ص :( ٩ - ١٢ ) أم عندهم خزائن.....
) أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ أَمْ لَهُم مٌّلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيَنَهُمَا فَلْيَرْتَقُواْ فِى الأَسْبَابِ جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّن الأَحَزَابِ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وفِرْعَوْنُ ذُو الأَوْتَادِ ( ( )
ولما أرشد إنكارهم خصوصيته بالذكر بنفي شكهم اللازم منه إثبات أنهم على علم بانه مرسل، وأنه أحقهم بالرسالة إلى أن التقدير : أفيهم غيره من هو أهل لتلقي هذا الذكر حتى ينزل الله عليه هذا البشير النذير ( ﷺ )، عادل به قوله :( أم عندهم ( أي