صفحة رقم ٣٨٧
دون ( مقرونين ) مثلاً إشارة إلى شدة وثاقهم وعظيم تقرينهم.
ولما كانت مانعة لهم من التصرف في أنفسهم، جعلوا كأنهم بأجمعهم فيها وإن لم يكن فيها إلا بعض أعضائهم مثل
٧٧ ( ) جعلوا أصابعهم في آذانهم ( ) ٧
[ نوح : ٧ ] فقال :( في الأصفاد ) أي القيود التي يوثق بها الأسرى من حديد أو قيد أو غير ذلك، جمع صفد بالتحريك، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ( ﷺ ) قال ( إن عفريتاً من الجن تلفت عليّ البارحة ليقطع علي صلاتي فأمكنني الله منه فأخذته فأردت أن أربطه إلى سارية من سواري المسجد حتى تنظروا إليه كلكم، فذكرت دعوة أخي سليمان ) هب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي ( فرددته خاسئاً ) وقد حكمه الله في بعض الجن، فحمي من الذين يطعنون دار مولده ودار هجرته، روى أحمد في مسنده بسند حسن إن شاء الله عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ( ﷺ ) ( المدينة ومكة محفوفتان بالملائكة، على كل نقب منهما ملك، فلا يدخلهما الدجال ولا الطاعون ).
وهذا في البلدين، وأما المدينة خاصة ففيها أحاديث عدة عن عدة من الصحابة في الصحيحين وغيرهما، وقد عوض الله نبينا ( ﷺ ) عن الشياطين التأييد بجيوش الملائكة في غزواته، وقد كان نبينا عبداً كما اختار فلم يكن له حاجة بغير ذلك.
ولما كان ذلك ملكاً عظيماً، نبه على عظمته بكثرته ودوامه وعظمة مؤتيه فقال مستأنفاً بتقدير : قلنا له ونحوه :( هذا ) أي الأمر الكبير ) عطاؤنا ) أي على ما لنا من العظمة ؛ ثم سبب عن ذلك إطلاق التصرف الذي هو أعظم المقاصد، فكم من مالك لشيء وهو مغلول اليد عن التصفر فيه، فقال بادئاً بما يوجب الحب ويقبل القلوب دالاً على عظمته وظهور أمره بفك الإدغام :( فامنن ) أي أعط من شئت عطاء مبتدئاً من غير تسبب من المعطي :( أو أمسك ) أي عمن شئت.
ولما كان هذا عطاء يفوت الوصف عظمه، زاده تعظيماً بكثرته وتسهيله وسلامة العاقبة فيه فقال :( بغير ) أي كائناً كل ذلك من العطاء والمن خالياً عن ) حساب ( لأنك لا تخشى من نقصه وربك هو المعطي والآمر، ولا من كونه مما يسأل عنه في