صفحة رقم ٤١٧
الأصنام صنم غير صنم الأخرى وكان بعض القبائل يعبد الشعرى، وبعضهم يعبد الملائكة وبعضهم غير ذلك
٧٧ ( ) إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء فتقطعوا أمرهم بينهم زبراً كل حزب بما لديهم فرحون ( ) ٧
[ المؤمنون : ٥٣ ] نبه على ذلك مهدداً لهم بقوله مخبراً مؤكداًَ لأجل إنكارهم :( إن الله ) أي الذي له جميع صفات الكمال.
ولما لم يقيد الحكم بالقيامة وكانوا معترفين بأن المصائب في الدنيا منه قال :( يحكم بينهم ( من غير تاكيداً آخر أي بين جميع المخالفين في الأديان وغيرها من المتخذين للأولياء من دونه ومن المخلصين وغيرهم فلا بد أن ينصر أهل الحق على جميع أهل الباطل.
ولما كانوا أوزاعاً أكثر قبائلهم على خلاف ما يعتقده غيرها، قال :( في ما ) أي في الدين الذي والأمر الذي.
ولما كان تحكيمهم للهوى موفراً لدواعيهم على الاختلاف، وكان الاتخاذ الذي يبنى الكلام عليه له نظر عظيم إلى علاج الباطن بخلاف سورة يونس اثبت الضمير هنا فقال :( هم ) أي بضمائرهم ) فيه تختلفون ) أي ليس لهم أصل يضبطهم، فهو لا يرجعون إلا إلى الخلف كيف ما تقبلوا لأنهم مظروفون لذلك العمل الذي مبناه الهوى هو منشأ الاختلاف، فكيف إذا انضم إلى ذلك خلاف المخلصين وإنكارهم عليهم الذي أرشد إليه اعتذارهم، فظهر من هذا أن اختلاف الأئمة في فهم كتاب الله وسنة رسوله ( ﷺ ) لقواعد استنبطوها من ذلك لا يخرجون عنها ليس خلافاً بل وفاق لوحدة ما يرجعون إليه من الأصل الصحيح الثابت عن الله، ومن هذا إنكار النبي ( ﷺ ) على عمر وأبي وغيرهما رضي الله عنهم لما أنكر كل منهم على من خالفه في القراءة وقال ( إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فى تختلفوا ) فلا فرق بين أن يستند كل من الأمرين إلى النبي ( ﷺ ) نقلاً أو اجتهاداً لأنه في قوة الاتفاق لوحدة مرجعه - والله الموفق، ويجوز أن يكون الضمير في ( بينهم ) لهم ولمعبوداتهم فإنهم ليس منهم معبود صامت ولا ناطق إلا وهو صارخ بلسان حاله إن لم ينطق لسان قاله بأنه مقهور مربوب عابد لا معبود، فهم من يعبدهم في غاية الخلاف.
ولما كان من الأمر الواضح أن الدين لا يكون صالحاً إلا أن انتظم بنظام غير مختل، وكان الدين إذا كان معوجاً داعياً إلى التفرق منادياً على نفسه بالانخلاع عنه والبعد منه فكان الحال مقتضياً للتعجب ممن تدين به، فضلاً عمن يدوم عليه، فضلاً


الصفحة التالية
Icon