صفحة رقم ٤٥٨
قال ( يقول الله عز وجل لأهون أهل النار عذاباً : لو أن لك ما على الأرض من شيء أكنت مفتدياً به ؟ فيقول : نعم، فيقول : قد أردت منك أهون من هذا وأنت صلب آدم عليه السلام أن لا تشرك بي شيئاً فأبيت إلا أن تشرك بي ).
قوله : أردت أي فعلت معك بالأمر فعل المريد وهو معنى قوله في رواية : قد سألتك.
ولما كان التقدير : ولو كان لهم ذلك وافتدوا به ما قبل منهم ولا نفعهم، ولأن ذلك الوقت وقت الجزاء لا وقت العمل، واليوم قوت العمل لا وقت الجزاء، فلو أنفقوا فيه أيسر شيء على وجهه قبل منهم، عطف عليه من أصله لا على جزائه قوله معظماً الأمر بصرف القول إلى الاسم الأعظم :( وبداً ) أي ظهر ظهوراً تاماً ) لهم ( في ذلك اليوم ) من الله ) أي الملك الأعظم، وهول أمره بإبهامه ليكون ضد
٧٧ ( ) فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين ( ) ٧
[ السجدة : ١٧ ] فقال :( ما لم يكونوا ( بحسب جبلاتهم وما فطروا عليه من الإهمال والتهاون ) يحتسبون ) أي لم يكن في طبائعهم أن يعتمدوا أن يحسبوه وتجوزه عقولهم من العذاب، وما كان كذلك كان أشق على النفس وأروع للقلب ) وبدا لهم ) أي ظهر ظهوراً تاماً كأنه في البادية لا مانع منه ) سيئات ما ( ولما كان في سياق الافتداء، وكان الإنسان يبذل عند الافتداء في فكاك نفسه الرغائب والنفائس، عبر هنا بالكسب الذي من مدلوله الخلاصة والعصارة التي هي سر الشيء فهو أخص من العمل، ولذا جعله الأشعري مناط الجزاء، فقال مبيناً أن خالص عملهم ساقط فكيف بغيره، وهذا بخلاف ما في الجاثية ) كسبوا ) أي الشيء الذي عملوه برغبة مجتهدين فيه لظنهم نفعه وأنه خاص أعمالهم وأجلها وأنفعها ) وحاق ) أي أحاط على جهة اللزوم والأذى ) بهم ما ) أي جزاء الشيء الذي ) كانوا به ) أي دائماً كأنهم جبلوا عليه ) يستهزئون ) أي يطلبون ويوجدون الهزء والسخرية به من النار وجميع ما كانوا يتوعدون به.
ولما أخبر عن ظهور هذا لهم، علله بأنهم كانوا يفعلون ما لم يكن في العادة يتوقع منهم، وهو مجازاة الإحسان بالإساءة وقد كانوا جديرين بضده فقال :( فإذا ) أي وقع لهم ذلك بسبب أنهم إذا مسهم، ولكنه أخبر عن النوع الذي هم منه بما هو مطبوع عليه فقال :( مس الإنسان ضر ( أيّ ضر كان من جهة يتوقعها كما تقدم في التي في أول السورة، ويجوز أن يكون مسبباً عن الإخبار بافتدائهم بما يقدرون عليه وأن يكون مسبباً عن اشمئزازهم من توحيد الله تعجيباً في تعكيسهم وضلالهم، وتقدم في الآية