صفحة رقم ٤٧٠
النقص من الشرك والتجسيم وما شاكله ) وتعالى ( علواً لا يحاط به ) عما يشركون ) أي إن علوه عن ذلك علو من يبالغ فيه، فهو في غاية من العلو لا يكون وراءها غاية لأنه لو كان له شريك لنازعه هذه القدرة أو بعضها فمنعه شيئاً منها، وهذه معبوداتهم لا قدرة لها على شيء، روى البخاري في صحيحه في التوحيد وغيره من عبد الله رضي عنه قال : جاء حبر من اليهود إلى النبي ( ﷺ ) فقال : إذا كان يوم القيامة جعل الله السماوات على إصبع، ثم يميزهن ثم يقول : أنا الملك، فلقد رأيت النبي ( ﷺ ) يضحك حتى بدت نواجذه - تعجيباً وتصديقاً لقوله - ثم قال النبي ( ﷺ ) ) ) وما قدروا الله حق قدره ( ( - إلى :- ) ) يشركون ( ) [ الأنعام : ٩١ ] وروى الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله ( ﷺ ) ( يطوي الله السماوات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يقول : أنا الملك اين الجبارون أين المتكبرون ثم يطوي الأرضين ثم يأخذهن بشماله ثم يقول : أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون ) وللبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ( ﷺ ) قال ( يقبض الله الأرض يوم القيامة، ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول : أنا الملك أين ملوك الأرض.
الزمر :( ٦٨ ) ونفخ في الصور.....
) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ ( ( )
ولما دل على عظيم قدره بعض ما يكون يوم القيامة، أتبعه ما لا يحتمله القوي من أحوال ذلك اليوم دليلاً آخر، فقال دالاً على عظيم قدرته وعزه وعظمته بالبناء للمفعول :( ونفخ في الصور ) أي القرن العاطف للأشياء المقبل بها نحو صوته المميل لها عن أحوالها العالي عليها في ذلك اليوم بعد بعث الخلائق وهي النفخة الأولى بعد البعث التي هي بعد نفختي الموت والبعث المذكورتين في سورة يس، والمراد بها - والله أعلم - ألقاء الرعب والمخافة والهول في القلوب أظهاراً للعظمة وتردياً بالكبرياء والعز في عزة يوم المحشر ليكون أول ما يفجأهم يوم الدين ما لا يحتمله القوي، ولا تطيقه الأحلام والنهى، كما كان آخر ما فجأهم يوم الدنيا وإن افترقا في التأثير، فإن ذلك أثرت الموت، وهذه أثرت الغشي لأنه لا موت بعد البعث، وهي الثالثة من النفخات