صفحة رقم ٤٧٣
موسى على البشر ) قلت : أي خبيث على محمد، فأخذتني غضبة ضربت وجهه، فقال النبي ( ﷺ ) ( لا تخيروا بين الأنبياء، فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من تنشق عنه الأرض ) وفي رواية في أحاديث الأنبياء ( فأكون أول من يفيق - فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش، فلا أدري أكان فيمن صعق أم حوسب بصعقته الأولى ) وفي رواية في أحاديث الأنبياء ( فلا أدري أفاق قبلي أو حوسب بصعقة الطور ) والله أعلم - هذا ما رأيته من ألفاظ الحديث في الكتب الستة، وأما معنى صعق قلإنه صاح ومات فجأة أو غشي عليه، قال في القاموس : الصاعقة الموت وكل عذاب مهلك وصيحة العذاب، وصعق كسمع صعقاً ويحرك وصعقة وتصعاقاً : غشي عليه.
والصعق محركة : شدة الصوت، وككتف : الشديد الصوت، وقال عبد الحق في الواعي : الأزهري : الصاعقة - يعني بالفتح - وأصعقتهم - إذا أصابتهم فصعقوا وصعقوا، ومن حديث الحسن : ينتظر بالمصعوق ثلاثاً ما لم يخافوا عليه نتناً - يعني الذي مات فجأة، قال : والصاعقة مصدر جاء على فاعلة، تقول : سمعت صاعقة الرعد وثاغية الشاء، وقوله :
٧٧ ( ) وخر موسى صعقاً ( ) ٧
[ الأعراف : ١٤٣ ] أي مغشياً عليه، دل على ذلك قوله سبحانه ) فلما أفاق ( إنما يقال : أفاق من العلة والغشية وبعث من الموت، قال : وجملة الصاعقة الصوت مع النار، وقال أبو عبد الله القزاز : الصعق هو أن يسمع الإنسان صوت الهدة الشديدة فيصعق لذلك عقله، واشتقاق الصاعقة من هذا، سميت صاعقة لشدة صوتها وتقول : إنه لصعق، أي شديد الصوت، وكذا هو صعاق - انتهى.
فتحرر من هذا أن الصعق يطلق على الموت فجأة، وعلى الغشي كذلك، وأن الإفاقة لا تكون إلا عن غشي لا عن موت، فعلم أن الصعقة في هذه الآية إنما هي غشي لأن الثانية عنها إفاقة، وأيضاً فمن الأمر المحقق أنه لا يموت أحد من أهل البرزخ فكيف بالأنبياء عليهم السلام، فالصواب حمل الصعقة المذكورة في الحديث على الغشي أو ما يشبهه، ويؤيده التجويز لأن تكون صعقة الطور جزاء عنها، وعلى تقدير أن تكون غشياً إن قلنا إنه يكون بنفخة الإماتة يلزم عليه أن لا يكون للغشي ولا لعدمه مدخل في الشك في أن موسى عليه السلام أفاق قبل أن يحصل له غشي أصلاً، لأن الذي يكون به


الصفحة التالية
Icon