صفحة رقم ٤٩٨
) من دونه ) أي سواه، ومن المعلوم أنهم خلقه فهم دون رتبته لأنهم في قهره ) لا يقضون بشيء ( من الأشياء أصلاً، فضلاً عن أن يقضوا بما يعارض حكمه، فلا مانع له من القضاء بالحق، فلا مقتضى لقبول الشفاعة فيمن يعلم عراقته في الظلم أنه لا ينفك عنه.
ولما أخبر أنه لا فعل لشركائهم، وأن الأمر له وحده، علل ذلك بقوله مرهباً من الخيانة وغيرها من الشر، مرغباً في كل خير، مؤكداً لأجل أن أفعالهم تقتضي إنكاراً ذلك :( إن ذلك ( عبر به لأن السياق لتحقير شركائهم وبيان أنها في غاية النقصان ) هو ) أي وحده.
ولما ذكر ما هو غيب، وصفه بأظهر فقال :( السميع ) أي لكل ما يمكن أن يسمع ) البصير ) أي بالبصر والعلم لكل ما يمكن أن يبصر ويعلم، فلا إدراك لشركائهم أصلاً ولا لشيء غيره بالحقيقة، ومن لا إدراك له ولا قضاء له، فثبت أن الأمر له وحده، فما تنفعهم شفاعة الشافعين ولا تقبل فيهم من أحد شفاعة بعد الشفاعة العامة التي هي خاصة بنبينا ( ﷺ )، وهي المقام المحمود الذي يغبطه به الأولون والآخرون، فإن كل أحد يحجم عنها ختى يصل الأمر إليه ( ﷺ ) فيقول : أنا لها أنا لها، ثم يذهب إلى المكان الذي أذن له فيشفع، فيشفعه الله تعالى فيفصل سبحانه بين الخلائق ليذهب كل أحد إلى داره : جنته أو ناره، ورى الشيخان : البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كما مع رسول الله ( ﷺ ) في دعوة فرفع إليه الذراع، وكانت تعجبه، فنهش منها نهشة، فقال :( أنا سيد الناس يوم القيامة، هل تدرون مم ذاك، يجمع الله الأولين والاخرين في صعيد واحد فيبصرهم الناظر، ويسمعهم الداعي، وتدنو منهم الشمس، فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحملون، فيقول الناس : ألا ترون إلى ما أنتم فيه وإلى ما بلغكم ؟ ألا تنظرون إلى من يشفع لكم إلى ربكم، فيقول بعض الناس لبعض : أبوكم آدم فذكر سؤالهم أكابر الأنبياء، وكل واحد منهم يحيل على الذي يعده ألى أن يقول عيسى عليه السلام : اذهبوا إلى محمد ( ﷺ )، فيقول النبي ( ﷺ ) حين يأتونه : أنا لها، فينطلق فيسجد تحت العرش ) وهو مروي عن غير أبي هريرة عن أنس وغيره من الصحابة رضي الله تعالى عنهم، ولكن لم أر فيه التصريح بالشفاعة العامة بعد رفع رأسه ( ﷺ ) من السجود إلا فيما رواه البخاري في الزكاة من صحيحه في باب ( من سأل الناس تكثراً ) عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي ( ﷺ ) : قال :( إن الشمس تدنو يوم القيامة حتى يبلغ العرق نصف الأذن فبينما هم كذلك استغاثوا بآدم ثم بموسى ثم بمحمد


الصفحة التالية
Icon