صفحة رقم ٥٢١
عاماً مما روى مالك والشيخان وغيرهم عن أن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ( ﷺ ) قال :( إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، فيقال : هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة ).
ولعل زيادة النكد أنهم هم المعرضون، فيذهب بهم في الأغلال يساقون لينظروا ما أعد الله لهم، وعامة الناس يقتصر في ذلك على أن يكشف لهم - وهو في محالّهم - عن مقاعدهم، ففي ذلك زيادة إهانة لهم، وهو مثل : عرض الأمير فلاناً على السيف إذا أراد قتله، هذا دأبهم إلى أن تقوم الساعة ) ويوم تقوم الساعة ( يقال لهم :( ادخلوا آل ) أي يا آل ) فرعون ( هو نفسه وأتباعه لأجل اتباعهم له فيما أضلهم به، وجعله نافع وحمزة والكسائي ويعقوب وحفص فعل أمر من الإدخال، فالتقدير : نقول لبعض جنودنا : أدخلوا آله لأجل ضلالهم به اليوم ) أشد العذاب ( وإذا كان هذا لآله لأجله كان له أعظم منه من باب الأولى، وهذه الآية نص في عذاب القبر كما نقل عن عكرمة ومحمد بن كعب.
ولما كان هذا من خبر موسى عليه السلام وفرعون أمراً غريباً جداً، قل من يعرفه على ما هو عليه، لأنه من خفي العلم، أشار سبحانه إلى ذلك بقوله :( وإذا ) أي اذكر لهم هذا الذي أنبأناك به مما كان في الزمن الأقدم، ولا وصول له إليك إلا من جهتنا، لأنهم يعلمون قطعاً أنك ما جالست عالماً قط، واذكر لهم ما يكون في الزمن الآتي حين ) يتحاجون ) أي هؤلاء الذين نعذبهم ) في النار ) أي يتخاصمون فيما أتباعهم ورؤساؤهم بما لا يغنيهم :( فيقول الضعفاء ) أي الأتباع ) للذين استكبروا ) أي طلبوا أن يكونوا كبراء.
ولما كانوا لشدة ما هم فيه يتبرأ كل منهم من صاحبه.
أكدوا قولهم :( إنا كنا لكم ) أي دون غيركم ) تبعاً ) أي أتباعاً، فتكبرتم على الناس بنا، وهو عند البصريين يكون واحداً كجمل ويكون جمعاً كخدم جمع خادم، ولعله عبر به إشارة إلى أنهم كانوا في عظيم الطواعية لهم على قلب رجل واحد ولما كان الكبير يحمي تابعه، سببوا عن ذلك سؤالهم فقالوا :( فهل أنتم ) أي أيها الكبراء ) مغنون ) أي كافون ومجزون وحاملون ) عنا نصيباً من النار (.
ولما أتى بكلام الضعفاء على الأصل، وإشارة مع تصوير الحال لأنه أقطع إلى طول خصامهم لأنه أشد في إيلامهم، فتشوف السامع إلى جوابهم، استأنف الخبر