صفحة رقم ٥٣٤
غافر :( ٦٦ - ٧٠ ) قل إني نهيت.....
) قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَآءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِن رَّبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُواْ أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُواْ شُيُوخاً وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّى مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُواْ أَجَلاً مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فيَكُونُ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِالْكِتَابِ وَبِمَآ أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ( ( )
ولما أمر سبحانه بما دل على استحقاقه إياه، أنتج قطعاً قوله :( قل ) أي لهؤلاء الذين يجادلونك في التوحيد والبعث مقابلاً لإنكارهم بالتأكيد :( إني نهيت ) أي ممن لا ناهي غيره، نهياً عاماً ببراهين العقل، ونهياً خاصاً بأدلة النقل ) أن أعبد ( ولما أهلوهم لأعلى المقامات، عبر عنهم إرخاء للعنان بقوله :( الذين تدعون ) أي يؤهلونهم لأن تدعوهم، ودل على سفولهم بقوله تعالى :( من دون الله ) أي الذي له الكمال كله، ودل على أنه ما كان متعبداً قبل البعث بشرع أحد بقوله :( لما جاءني البينات ) أي الحجج الواضحة جداً من أدلة العقل والنقل ظاهرة، ولفت القول إلى صفة الإحسان تنبيهاً على أنه كما يستحق الإفراد بالعبادة لذاته يستحقها شكراً لأحسانه فقال :( من ربي ) أي المربي لي تربية خاصة هي أعلى من تربية كل مخلوق سواي، فلذلك أنا أعبده عبادة تفوق عبادة كل عابد.
ولما أخبر بما يتخلى عنه، أتبعه الأمر بما يتحلى به فقال :( وأُمرت أن أسلم ) أي بأن أجدد إسلام كليتي في كل وقت على سبيل الدوام ) لرب العالمين ( لأن كل ما سواه مربوب فالإقبال عليه خسار، وإذا نهى هو ( ﷺ ) عن ذلك وأمر بهذا لكون الآمر والناهي لأنه رب كل شيء، كان غيره مشاركاً له في ذلك لا محالة.
ولما قامت الأدلة وسطعت الحجج على أنه سبحانه رب العالمين الذين من جملتهم المخاطبون، ولا حكم للطبيعة ولا غيرها، أتبع ذلك آية أخرى في أنفسهم هي أظهر مما مضى، فوصل به على طريق العلة لمشاركتهم له ( ﷺ ) في الأمر والنهي في التي قبلها قوله تعالى :( هو ( لا غيره ) الذي ( ولما كان الوصف بالتربية ماضياً، عبر عنه به فقال :( خلقكم من تراب ) أي أصلكم وأكلكم التي تربى به أجسادكم ) ثم من نطفة ( من مني يمنى ) ثم من علقة ( مباعداً حالها لحال النطفة كما كان النطفة مباعداً لحال التراب، ) ثم ( بعد أن جرت شؤون أخرى ) يخرجكم ) أي يجدد إخراجكم شيئاً بعد شيء ) طفلاً ( لا تملكون شيئاً ولا تعملون شيئاً، ثم يدرجكم في مدارج التربية