صفحة رقم ٥٤٠
ولما ذكر فعل الشرط وحذف جوابه للعلم به، عطف عليه قوله :( أو نتوفينَّك ) أي قبل أن ترى ذلك فيهم وأجاب هذا المعطوف بقوله :( فإلينا ) أي بما لنا من العظمة ) يرجعون ) أي معي في الدنيا فتريهم بعد وفاتك من نصر أصحابك عليهم بما تسرك به في برزخك فإنه لا بقاء لجولة باطلهم، وحساً في القيامة فنريك فيهم فوق ما تؤمل من النصرة المتضمنة لتصديقك وتكذيبهم، وإكرامك وإهانتهم، والآية من الاحتباك : ذكر الوفاة ثانياً دللايً على حذفها أولاً، والرؤية أولاً دليلاً على حذفها ثانياً.
غافر :( ٧٨ - ٨٠ ) ولقد أرسلنا رسلا.....
) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَآءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَنْعَامَ لِتَرْكَبُواْ مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُواْ عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ ( ( )
ولما قسم له الله سبحانه الحال إلى إصابتهم أو وفاته ( ﷺ )، وكان قد بقي مما هو أقر لعينه وأشفى لصدره أن يريهم في حياته آية تلجئهم إلى الإيمان، وتحملهم على الموافقة والإذعان، فيزول النزاع بحسن الاتباع، كما وقع لقوم يونس عليه الصلاة والسلام، قال عاطفاً على ما تقديره في تعليل الأمر بالصبر، فلقد أرسالناك إليهم ولننفذن أمرنا فيهم، وأما أنت فما عليك إلا البلاغ :( ولقد أرسلنا ) أي على ما لنا من العظمة ) رسلاً ) أي بكثرة.
ولما كان الإرسال إنما هو في بعض الزمان الماضي وإن كان بلوغ رسالة كل لمن بعده موجبة لانسحاب حكم رسالته إلى مجيء الرسول الذي يقفوه، أثبت الجار لإرادة الحقيقة فقال :( من قبلك ) أي إلى أممهم ليبلغوا عنا ما أمرناهم به :( منهم من قصصنا ) أي بما لنا من الإحاطة ) عليك ) أي أخبارهم وأخبار أممهم ) ومنهم من لم نقصص ( وإن كان لنا العلم التام والقدرة الكاملة ) عليك ( لا أخبارهم ولا أخبار أممهم ولا ذكرناهم لك بأسمائهم ) وما ) أي أرسلناهم والحال أنه ما ) كان لرسول ( أصلاً ) أن يأتي بآية ) أي ملجئة أو غير ذلك مما يجادل فيه قومه أو يسلمون استعجالاً لاتباع قومه له، أو اقتراحاً من قومه عليه أو غير ذلك مما يجادل فيه قومه أو يسلمون له أو ينقادون، وصرف الكلام عن المظهر المشير إلى القهر إلى ما فيه - مع الإهانة - الإكرام فقال :( إلا بإذن الله ) أي بأمره وتمكينه، فإن له الإحاطة بكل شيء، فلا يخرج شيء عن أمره، فإن لم يأذن في ذلك رضوا وسلموا وصبروا واحتبسوا، وإن أذن في شيء من ذلك من عذاب أو آية ملجئة أو غير ذلك جاءهم ما أذن فيه ) فإذا جاء ( وزاد


الصفحة التالية
Icon