صفحة رقم ٥٤٣
يسيروا ) أي هؤلاء الذين هم أضل من الأنعام ) في الأرض ( أيّ أرض كانت، سير اعتبار ) فينظروا ( نظر ادكار فيما سلكوه من سلبها ونواحيها، ونبه زيادة العظمة فيما حثهم على النظر فيه بسوقه مساق الاستفهام تنبيهاً على خروجه عن أمثاله، ومباينته لأشكاله، بقوله :( كيف كان عاقبة ) أي آخر أمر ) الذين ( ولما كانوا لا يقدرون على استغراق نظر جميع الأرض وآثار جميع أهلها، نبه بالجار على ما تيسر فقال تعالى :( من قبلهم ) أي مع قرب الزمان والمكان، لوما كانوا معتمدين في مغالبة الرسول ( ﷺ ) ومجادلته بالباطل في الآيات الظاهرة على كثرتهم وقوتهم وقلة أصحابه مع ضعفهم، وكان قد تقدم الإنكار عليهم في المجادلة لإدحاض الحق، وعظيم النكير عليهم بعدم النظر عن المسير في الأرض بأعين الاعتبار في الآثار، من المساكن والديار، لمن مضى من الأشرار، وأثبت لهم الأشدية وأنها لم تغن عنهم، وذكر فرعون وما كان له من المكنة بالمال والرجال، وأنه أخذه أخذة صارت مثلاً من الأمثال، وكان قد بقي مما قد يتعلل به في المبالغة الكثرة، ذكرها مضمومة إلى الشدة تأكيداً لمضمون الخبر في أنه لا أمر لأحد مع أمره، فقال مستانفاً جواباً لمن يقول : ما كانت عاقبتهم ؟ فقال :( كانوا أكثر منهم ) أي عدداً أضعافاً مضاعفة ولا سيما قوم نوح عليه الصلاة والسلام :( وأرشد قوة ( في الأبدان كقوم هود عليه الصلاة والسلام الذين قالزا كما يأتي في التي بعدها
٧٧ ( ) من أشد منا قوة ( ) ٧
[ فصلت : ١٥ ] ) وآثاراً في الأرض ( بنحت البيوت في الجبال، بقوة أبدانهم وعظم عقولهم واحتيالهم وما تبوا من المصانع لنجاتهم حين جاءهم أمرنا بل كانوا كأمس الذاهب.
ولما أخبر عن كثرتهم وقوتهم وآثارهم الدالة على مكنتهم، سبب عنه شرح حالهم، الذي أدى إلى هلاكهم واغتيالهم، فقال مبيناً لما أغنى :( فلما جاءتهم رسلهم ) أي الذين أرسلناهم إليهم وهم منهم يعرفون صدقهم وأمانتهم ) بالبينات ) أي الدالة على صدقهم لا محالة ) فرحوا ) أي القوم الموصوفون ) بما عندهم من العلم ( الذي أثروا به تلك الآثار في الأرض من إنباط المياه وجر الأثقال وهندسة الأبنية ومعرفة الأقاليم وإرصاد الكواكب لأجل معرفة أحوال المعاش، وغير ذلك من ظواهر العلوم المؤدية إلى التفاخر والتعاظم والتكاثر وقوفاً مع الوهم، وتقييداً بالحاضر من الرسم من علم ظاهر