صفحة رقم ٥٤٩
بما فيهم من سلامة الطبع وسلاسة الانقياد لبراهين العقل والسمع وحدة الأذهان وفصاحة اللسان وصحة الأفكار وبعد الأغوار، وفي هذا تبكيت لهم في كونهم لا ينظرون محاسنه فيهتدوا بها كما يعتنون بالنظر في القصائد حتى يقضوا لبعضها على بعض حتى أنهم ليعلقون بعضها على الكعبة المشرفة تشريفاً له، وفيه حث لهم - وهم أولو العزائم الكبار - على العلم بع ليغتنوا عن سؤال اليهود، وفيه بشرى بأنه تعالى يهب العرب بعد هذا الجهل علماً كثيراً، وعن هذا الكفر إيماناً عظيماً كبيراً، وفي الآية إشارة إلى ذم المقترحين المشار إليهم آخر التي قبلها بأنهم قد أتاهم ما أغناهم عنه من آيات هذا الكتاب الذي عجزوا عن مباراته، ومناظرته ومجاراته وذلك في غاية الغرابة، لأنه كلام من جنس كلامهم في كونه عربياً، وقد خالفت كلامهم وأسجاعهم، مع كونه ليس شعراً ولا سجعاً أصلاً ولا هم من أنواع نثرهم، ولا من ضروب خطبهم، فعجزوا عن الإيتان بشيء من مثله في مر الأحقاب وكر الدهور والأعضار، وكفى بذلك معجزة شديدة الغرابة بمن ينيب.
وقال الإمام أبو جعفر ابن الزبير : لما تضمنت سورة غافر بيان حال المعاندين وجاحدي الآيات، وأن ذلك ثمرة تكذيبهم وجدلهم، وكان بناء السورة على هذا الغرض بدليل افتتاحها وختمها، ألا ترى قوله تعالى
٧٧ ( ) ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا ( ) ٧
[ غافر : ٤ ] وتأنيس نبيه عليه أفضل الصلاة والسلام بقوله
٧٧ ( ) فلا يغررك تقبلهم في البلاد ( ) ٧
[ غافر : ٤ ] فقد تقدم ذلك من غيرهم فأعقبهم سوء العاقبة والأخذ الوبيل ) كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه ( فعصمتهم واقية
٧٧ ( ) أنا لننصر رسلنا ( ) ٧
[ غافر : ٥١ ] وقال تعالى :
٧٧ ( ) وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب ( ) ٧
[ غافر : ٥ ] أي رأيت ما حل بهم وقد بلغك خبرهم، فلا اعتبر هؤلاء بهم
٧٧ ( ) أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا هم أشد منهم قوة وإثاراً في الأرض فأخذهم الله بذنوبهم وما كان لهم من الله من واق ( ) ٧
[ غافر : ٢١ ] وإنما أخذهم بتكذيبهم الآيات ) ذلك بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فكفروا فأخذهم الله ( ثم ذكر تعالى من حزب المكذبين فرعون وهامان وقارون، وبسط القصة تنبيهاً على سوء عاقبة من عتند وجادل بالباطل وكذب الآيات، ثم قال تعالى بعد آيات ) إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه ( إذ الحول والقوة ليست لهم
٧٧ ( ) فاستعذ بالله ( ) ٧
[ الأعراف : ٣٠٠ ] من شرهم، فخلق غيرهم لة استبصروا أعظم من خلقهم
٧٧ ( ) لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق