صفحة رقم ٥٦٣
إنهم آمنوا وصدقوا ثم ارتدوا وكذبوا، فأجراهم مجرى إخوانهم في الاستئصال.
) فأخذتهم ) أي بسبب ذلك أخذ قسر وهوان ) صاعقة العذاب ( وأبلغ في وصفه بجعله نفس الهون فقال :( الهون ) أي ذي الهون، قامت ضمته مقام ما في الهون من الصيغة فعلم أن المراد المهين المخزي ) بما كانوا ) أي دائماً ) يكسبون ) أي يتجدد تحصيلهم له وعدهم له فائدة، فالآية من الاحتباك : ذكر الهداية أولاً دليلاً على حذف الضلال ثانياً والعمى ثانياً دليلاً على حذف الإبصار أولاً، وسره أنه نسب إليه أشرف فعليه، وأسند إليهم ما لا يرضاه ذو الروح.
ولما أتم الخبر عن الكافرين من الفريقين، أتبعه الخبر عن مؤمنيهم بشارة لمن اتبع النبي ( ﷺ ) ونذارة لمن صد عنه فقال :( ونجينا ) أي تنجية عظيمة ) الذين آمنوا ) أي أوجدوا هذا الوصف ولو على أدنى وجوهه من الفريقين ) وكانوا ) أي كوناً عظيماً ) يتقون ) أي يتجدد لهم هذا الوصف في كل حركة وسكون فلا يقدمون على شيء بلا دليل.
ولما ذكر حالهم في الدنيا، وأشار إلى حال الآخرة، أتبعه تفصيل ذلك فقال :( ويوم ) أي اذكر أيام أعداء الله في الدنيا في إنزال عذابه بهم وإحلال مثلاته بساحاتهم، واذكر يوم يحشرون - هكذا كان الأصل، ولكنه بين ما عذبوا به ليعم كل من اتصف به من الأولين والاخرين فقال :( يحشر ) أي يجمع بكثرة بأمر قاهر لا كلفة علينا فيه - هذا على قراءة الجماعة بالبناء للمفعول، وعلى قراءة ناقع ويعقوب بالنون مبيناً للفاعل يكون ناظراً إلى سياق ( ونجينا ) وفي كلتا القراءتين معنى العظمة، فلذلك ناسبهما الاسم الأعظم الذي هو أعظم من مظهر العظمة الذي وقع الصرف عنه لما في ذكره من زيادة التوبيخ لهم والتهجين لفعلهم والتخسيس لعقولهم في قولهم :( أعداء الله ) أي الملك الأعظم ولا يخفى إعرابه بحسب كل قراءة ) إلى النار ( دار الأشقياء ) فهم ( بسبب حشرهم ) يوزعون ) أي يدفعون وبرد بأيسر أمر أولهم على آخرهم، ومن يريد أن يعرج منهم يميناً أو شمالاً ظناً أنه قد يخفى بسبب كثرتهم ويزجرون زجر إهانة، ويجمع إليهم من شذ منهم، ة فإن كل شيء من ذلك نوع من العذاب.
ولما بين إهانتهم بالوزع، بين غاياتها فقال :( حتى إذا ( وأكد الكلام لإنكارهم مضمونه زيادة النافي ليكون اجتماعه مع الإثبات نفياً للضد فيفيد القوة بمضمون الخبر في تحقيقه وثباته واتصاله بالشهادة على الفور فقال :( ما جاؤوها ) أي النار التي كانوا بها يكذبون ) شهد عليهم ( حين التكوير فيها مركومين بعضهم على بعض.
ولما


الصفحة التالية
Icon